خطبة الجمعة للشيخ علي الصددي – 11/12/ 1445هـ الموافق 22 مارس 2024م جامع الإمام الصادق(ع) – الدراز
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الخطبة الأولى:
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الغوي الرجيم ..
بسم الله الرحمن الرحيم
ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي لَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَهُ ٱلۡحَمۡدُ فِي ٱلۡأٓخِرَةِۚ وَهُوَ ٱلۡحَكِيمُ ٱلۡخَبِيرُ – وٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ عَلَىٰ عَبۡدِهِ ٱلۡكِتَٰبَ وَلَمۡ يَجۡعَل لَّهُۥعِوَجَاۜ – مِنۡهُ ءَايَٰتٞ مُّحۡكَمَٰتٌ هُنَّ أُمُّ ٱلۡكِتَٰبِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٞۖ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمۡ زَيۡغٞ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنۡهُ ٱبۡتِغَآءَ ٱلۡفِتۡنَةِ وَٱبۡتِغَآءَ تَأۡوِيلِهِۦۖ وَمَا يَعۡلَمُ تَأۡوِيلَهُۥٓ إِلَّا ٱللَّهُۗ وَٱلرَّاسِخُونَ فِي ٱلۡعِلۡمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِۦ كُلّٞ مِّنۡ عِندِ رَبِّنَاۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّآ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ”.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، لَهُ ٱلۡمُلۡكُ وَلَهُ ٱلۡحَمۡدُۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ. وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله، لا حبيب إلا هو وأهله، صلّى الله عليه وآله صلاة لا يقوى على إحصائها إلا هو.
أيّها المؤمنون والمؤمنات أوصيكم ونفسي بتقوى الله، والورع عن محارمه، فهو أفضل الأعمال في هذا الشهر- كما جاء في الخطبة المأثورة عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله)-.
وبعد فالحديث في هذا المقام حول عبادة من العبادات الّتي ندبنا إليها في شهر رمضان بالخصوص وإن كانت مطلوبة فيما سواه من الشهور، وهي تلاوة كتاب الله، ففي الخطبة النبويّة الّتي رواها رئيس المحدّثين الشيخ الصدوق (رضي الله عنه) في كتابه: (عيون أخبار الرضا- عليه السلام-)- والّتي مستهلّها: “أيّها الناس إنّه قد أقبل إليكم شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة”- قال (صلّى الله عليه وآله): “فاسألوا الله ربّكم بنيات صادقة وقلوب طاهرة أن يوفّقكم لصيامه وتلاوة كتابه؛ فإنّ الشقيّ من حرم غفران الله في هذا الشهر العظيم”، ويستفاد من هذه الفقرة أنّ تلاوة كتاب الله وختمه في شهر رمضان مع صيام الشهر أحد أسباب الغفران. وفي نفس الخطبة ورد: “ومن تلا فيه [= والكلام عن شهر رمضان] آيةً من القرآن كان له مثل أجر من ختم القرآن في غيره من الشهور”. وروى ثقة الإسلام الكلينيّ (رضي الله عنه) في الكافي٢: ٦٣٠، والشيخ الصدوق (رضي الله عنه) في كتاب (معاني الأخبار: ٢٢٨) وغيره بسنديهما عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: “لكلّ شيء ربيع، وربيع القرآن شهر رمضان”. فكما أنّ الشجرة أو الأشجار في فصل الربيع تورق وتغلظ وتتفرّع أغصانه وبنظم تكوينيّ، كذلك يراد تشريعاً للقرآن في شهر رمضان- وهو ظرف نزوله- أن يحضر بيننا وفي مجالسنا ومحافلنا فيُتلى ويستمع وينصت لتلاوته، وأن يُكثر من تلاوته ويحرص عليها، فيخصّص لها نصيباً وافراً من الأوقات. وقد ذكر الفقهاء- ومنهم الشيخ المفيد (رضي الله عنه) في كتابه (المقنعة: ٣١١)- أنّه: يستحب أن يختم فيه القرآن بتلاوته ختمات. وقد روى السيّد ابن طاووس في كتاب (الإقبال) عن وهب بن حفص عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته في كم يقرأ القرآن؟ قال: في ست فصاعدا، قلت في شهر رمضان؟ قال: في ثلاث فصاعدا. فيختم في شهر رمضان عشر ختمات، ويستفاد من هذه الرواية ومن غيرها أنّه لا يُختم القرآن أكثر من عشر ختمات في شهر رمضان.
ثمّ إنّه إلى جانب استحباب الإكثار من تلاوة القرآن ينبغي عدم هذّه والإسراع في قراءته، وأن يرتّل ويتروّى في قراءته ليتمكّن القارئ تفهّم مرادات ما يقرأه ولو بنحو الإجمال والعموم، ولا يحصل ذلك إذا ما كان همّ القارئ آخر السورة- كما ورد-، وقد فهم علماؤنا ممّا ورد من كراهة قراءة “قل هو الله أحد” بنفس واحد- بأنّ بمثل هذه القراءة العجولة لا يتيسّر- غالباً- الوقوف ولو إجمالاً على معاني ما يقرأه منها، وقد روى الشيخ الكلينيّ (رحمه الله) بسند معتبر عن عليّ بن أبي حمزة قال: سأل أبو بصير أبا عبد الله (عليه السلام) وأنا حاضرفقال له: جعلت فداك، أقرأ القرآن في ليلة؟ فقال: لا، فقال في ليلتين؟ فقال: لا حتى بلغ ست ليال فأشار بيده فقال: ها، ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): يا أبا محمد، إن من كان قبلكم من أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله) كان يقرأ القرآن في شهر وأقل، إن القرآن لا يقرأ هذرمة، ولكن يرتل ترتيلا إذا مررت بآية فيها ذكر النار وقفت عندها وتعوذت بالله من النار، فقال أبو بصير: أقرأ القرآن في رمضان في ليلة؟ فقال: لا، فقال:في ليلتين؟ فقال: لا، فقال: في ثلاث؟ فقال: ها وأومأ بيده نعم، “شهر رمضان لا يشبهه شيء من الشهور، له حق وحرمة..”، وفي الكافي أيضاً بسنده عن عبد الله بن سليمان قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: “ورتّل القرآن ترتيلا” قال: قال أمير المؤمنين (صلوات الله عليه): بيّنه تبيانا، ولا تهذّه هذّ الشعر، ولا تنثره نثر الرمل، ولكن أفزعوا قلوبكم القاسية، ولا يكن همّ أحدكم آخر السورة.
[هداية كتاب الله:]
ثمّ إنّ ما تقدّم إنما هو توطئة للحديث عن كتاب الله سبحانه في ظلّ مثل قوله: “شَهۡرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِيٓ أُنزِلَ فِيهِ ٱلۡقُرۡآنُ هُدٗى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٖ مِّنَ ٱلۡهُدَىٰ وَٱلۡفُرۡقَانِۚ..”- البقرة: ١٨٥-، فهذا المقطع وغيره الكثير يفيد أنّ كتاب الله كتاب هدى وهداية، وقد حتّم سبحانه اتّباعه وعدم اتّباع مَن دونه؛ حيث قال: “ٱتَّبِعُواْ مَآ أُنزِلَ إِلَيۡكُم مِّن رَّبِّكُمۡ وَلَا تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِۦٓ أَوۡلِيَآءَۗ قَلِيلٗا مَّا تَذَكَّرُونَ”- الأعراف: ٣-، بل الضلال نصيب من ابتغى الهدى في غيره؛ ففي التفسير المنسوب لإمامنا أبي محمّد العسكريّ (عليه السلام) عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال: إنّ هذا القرآن هو النور المبين، والحبل المتين، والعروة الوثقى، والدرجة العليا، والشفاء الاشفى، والفضيلة الكبرى، والسعادة العظمى، من استضاء به نوره الله، ومن اعتقد (عقد) به في أموره عصمه الله، ومن تمسّك به أنقذه الله، ومن لم يفارق أحكامه رفعه الله، ومن استشفى به شفاه الله، ومن آثره على ما سواه هداه الله، ومن طلب الهدى في غيره أضلّه الله، ومن جعله شعاره ودثاره أسعده الله، ومن جعله إمامه الذي يقتدي به ومُعَوَّلَه الذيينتهي إليه، أدّاه الله إلى جنات النعيم، والعيش السليم..”، وروى الصدوق (رحمه الله) في كتابه (التوحيد: ٢٢٣، ٢٢٤) وغيره بسند صحيح عن الريّان بن الصلت، قال: قلت للرضا (عليه السلام): ما تقول في القرآن؟ فقال: “كلام الله لا تتجاوزوه، ولا تطلبوا الهدى في غيره فتضلّوا”، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله)- بموجب حديث الثقلين المتواتر عنه بين الفريقين- قد ضمن عدم الضلال بالتمسّك بكتاب الله وعترته، وأنّ اتّباعهما هو ضمانة الهدى، فقال: “إنّى تارك فيكم الثقلين ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي؛ فإنّهما لن يفترقا حتى يردا علَيّ الحوض”. فهل ثمّة اختلاف وتدافع بين ما دلّ على حصول الهداية باتّباع الكتاب وبين ما دلّ على عدم حصولها إلا بالتمسّك بالكتاب والعترة؟ والجواب بالسلب، وبيان ذلك أوّلاً: إنّ كتاب الله وإن كان كما علّل اللهإنزاله له بأنّه: (هُدٗى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٖ مِّنَ ٱلۡهُدَىٰ وَٱلۡفُرۡقَانِۚ) إلا أنّه لا يُظفر بهدايته على وجهها التامّ إلا بمفسّره المحيط بحقائقه ومعارفه- وليس ذلك بالأمانيّ والدعاوى-، وقد أرشد إليه رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وأنّه العترة، وعلّل عدم الضلال بالتمسّك بالثقلين (نعم علّله) بـ(أنّهما لن يفترقا حتى يردا علَيّ الحوض)، ولماذا نفى (صلّى الله عليه وآله)- وفي طول عمود الزمن- افتراق الكتاب والعترة؟ ما ذاك إلا لتوافقهما، وأنّ العترة مستبطَنة بالكتاب، وتعايش واقعه، وتحيط به، ولا يغيب عنها شيء منه. وأمّا من سواها- كلّ من سواها- فحظّه من الكتاب- إلى جانب غيابه عن درك الكثير الكثير من آياته- هو ظنون تصيبه وتخطؤه.
وفي خطبة النبيّ (صلّى الله عليه وآله) يوم الغدير- بنقل الشيخ الطبرسي في كتاب (الاحتجاج١: ٧٥)- قال: “معاشر الناس، تدبّروا القرآن وافهموا آياته وانظروا إلى محكماته ولا تتبعوا متشابَهَه، فوالله لن يبيّن لكم زواجره ولا يوضح لكم تفسيره إلا الذي أنا آخذ بيده ومصعده إليَّ وشائل بعضده..”، وفي (الكافي) للكلينيّ و(إكمال الدين) للصدوق وكتاب (الغيبة) للطوسيّ- واللفظ للأوّل- عن أمير المؤمنين (عليه السلام)- في حديث طويل- أنّه قال: “ما نزلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) آية من القرآن إلا أقرأنيها وأملاها عليّ، فكتبتها بخطّي، وعلّمني تأويلها وتفسيرها وناسخها ، ومحكمها ومتشابهها، وخاصّها وعامّها، ودعا الله أن يعطيني فهمها وحفظها، فما نسيت آية من كتاب الله ولا علما أملاه علي وكتبته، منذ دعا الله لي بما دعا، وما ترك شيئا علمه الله، من حلال ولا حرام، ولا أمر ولا نهي، كان أو يكون، ولا كتابٍ منزل على أحد قبله من طاعة أو معصية، إلا علمنيه وحفظته، فلم أنس حرفا واحدا، ثم وضع يده على صدري ودعا الله لي أن يملأ قلبي علما وفهما وحكما ونورا، فقلت: يا نبي الله بأبي أنت وأمي، منذ دعوت الله لي بما دعوت، لم أنس شيئا ولم يفُتني شيء لم أكتبه، أفتتخوّف عليّ النسيان فيما بعد؟ فقال: لا لست أتخوف عليك النسيان والجهل”.أقول، ولا يوجد غير عليّ (عليه السلام) من نبس ببنت شفة في دعوى شيء ممّا قاله عليّ عن نفسه ما يعني أنّه ولا سواه مطلقاً في ميزان العلم والحقّ والإنصاف من يدانيه فضلاً عن أن يكون أولى منه.
وثانياً: إنّ كتاب الله ليس أبداً حاسماً للخلاف وقاطعاً لمادّته، فلا بدّ له من قيّم به، ولا أحد سوى عليٍّ يدّعي هذا المقام؛ ففي الكافي١: ٨٨، ٨٩ بسند معتبر عن منصور بن حازم (الذي هو ثقة عين صدوق من جملة أصحابنا وفقهائهم)- في حديث- قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قلت للناس: أليس تعلمون أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان هو الحجّة من الله على خلقه؟ قالوا: بلى، قلت: فحين مضى (صلى الله عليه وآله) من كان الحجة؟ قالوا: القرآن فنظرت في القرآن فإذا هو يخاصم به المرجّيّ والقدريّ والزنديق الذي لا يؤمن به حتى يغلب الرجال بخصومته، فعرفت أنّ القرآن لا يكون حجّة إلا بقيّم، فما قال فيه من شيء كان حقّاً، فقلت لهم: من قيّم القرآن؟ قالوا: ابن مسعود قد كان يعلم، وعمر يعلم، وحذيفة يعلم، قلت: كلّه؟ قالوا: لا، فلم أجد أحدا يقال إنه يعلم القرآن كله إلا عليا (صلوات الله عليه)، وإذا كان الشيء بين القوم فقال هذا: لا أدري، وقال هذا: لا أدري، وقال هذا لا أدري، وقال هذا: أنا أدري، فأشهد أن عليا (عليه السلام) كان قيّم القرآن، وكانت طاعته مفترضة، وكان الحجّة على الناس بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأن ما قال في القرآن فهو حق، فقال[عليه السلام]: “رحمك الله..”.
اللهم صل على محمد وآله، واجعلنا ممن يعتصم بحبله، ويأوي من المتشابهات إلى حرز معقله، ويسكن في ظل جناحه، ويهتدي بضوء صباحه،ويقتدي بتبلّج إسفاره، ويستصبح بمصباحه، ولا يلتمس الهدى في غيره، واغفر لنا ولجميع المؤمنين والمؤمنات، وتب علينا إنّك أنت التوّاب الرحيم، اللهم إنّا نحبّ محمّداً وآل محمّد فاحشرنا معهم، اللهم إنّا نحبّ عمل محمّد وآل محمّد فأشركنا في عملهم، وأحينا محياهم، وأمتنا مماتهم، وتوفّنا على ملّتهم ودينهم، اللهم أرنا في آل محمّد (عليهم السلام) ما يأمَلون، وفي عدوّهم ما يحذرون، اللهم انصر من نصر الدين، واخذل من خذل الدين، وأحلل غضبك بالقوم الظالمين والكافرين.
ثم إن أحسن القصص وأبلغ الموعظة وأنفع التذكّر كتاب الله (عزّ وجلّ). أعوذ بالله من الشيطان الرجيم “بسم الله الرحمن الرحيم – وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)”.
……………………………………………………………………
الخطبة الثانية
الحَمدُ للهِ على هِدايَتِهِ لِدِينِهِ وَالتَّوفِيقِ لِما دَعا إلَيهِ مِن سَبِيلِهِ،والحمد لله الّذي استنقذنا بنبيّه من الشرك، وبوصيه من الضلال.
أشهَدُ أن لا إلهَ إلاّ اللهُ، وَأنَّ مُحَمَّداً عَبدُهُ وَمُصطَفاهُ، وَأنَّ عَلياً وَلِيُّهُ وَمُجتَباهُ، وَأنَّ الإمامَةَ فِي وُلدِهِ إلى يَومِ الدِّينِ، نَعلَمُ ذلِكَ عِلمَ اليَقِينَ، وَنَحنُ لِذلِكَ مُعتَقِدُونَ، وَفِي نَصرِهِم مُجتَهِدُونَ.
أيّها المؤمنون والمؤمنات أوصيكم ونفسي بتقوى الله، وأن تكون الآخرة مرادنا، وأن نسعى لها سعيها بأن نعمل ما يليق بها، وأن نخلّص أعمالنا ممّا يفسدها.
اللهم صلّ على محمد خاتم النبيّين والمرسلين الصادق الأمين، وعلى عَليٍّ أميرِ المُؤمِنينَ وَوَصيِّ رَسولِ رَبِّ العالَمينَ وعَلى الصِّدّيقَةِ الطَّاهِرَةِ فِاطِمَةَ سَيِّدَةِ نِساءِ العالَمينَ، وَصَلِّ عَلى سِبطَي الرَّحمَةِ وَإمامَي الهُدى الحَسَنِ وَالحُسَينِ، وَصَلِّ عَلى أئِمَّةِ المُسلِمينَ عَليِّ بنِ الحُسَينِ وَمُحَمَّدِ بنِ عَليٍّ وَجَعفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ وَموسى بنِ جَعفَرٍ وَعَليِّ بنِ موسى وَمُحَمَّدِ بنِ عَليٍّ وَعَليِّ بنِ مُحَمَّدٍ وَالحَسَنِ بنِ عَليٍّ وَالخَلَفِ الهادي المَهدي، حُجَجِكَ عَلى عِبادِكَ وَاُمَنائِكَ في بِلادِكِ صَلاةً كَثيرَةً دائِمَةً.
اللهُمَّ وَصَلِّ عَلى وَليِّ أمرِكِ القائِمِ المُؤَمَّلِ وَالعَدلِ المُنتَظَرِ وَحُفَّهُ بِمَلائِكَتِكَ المُقَرَّبينَ وَأيِّدهُ بِروحِ القُدُسِ يا رَبَّ العالَمينَ.
اللهم واحفظ وسدّد وأيّد نوّابه بالحقّ، والفقهاء العدول، والعلماء العاملين.
أما بعد أيّها الملأ المؤمن الكريم فإلى عناوين ثلاثة:
العنوان الأوّل: يفرحون لفرحنا:
معنيون جميعا بإحياء مواليد أهل البيت (عليهم السلام) وإنجاحها، وأن نفرح لفرحهم وفي أفراحهم (صلوات الله عليهم)، كما أنّا معنيون ومطالبون جميعاً بالتزام الضوابط الشرعيّة؛لنبرهن على صدقنا في إحياء أمرهم والفرح لفرحهم، فالفرح لفرحهم لا يبرّر الاختلاط بين الجنسين وغيره من التجاوزات لما هو مقرّر شرعا، ولا يبرّر فعل ما لا يتناسب مع حرمة شهر رمضان وأجواء ذكرى الولادة الميمونة لكريم أهل البيت الإمام أبي الحسن بن عليّ المجتبى (صلوات الله عليه). ومن هذا المنبر نؤكّد على الإخوة المحترمين الشعراء والرواديد في خلق الوعي العامّ في المجتمع، ومواجهة الانحرافات والتجاوزات بالتي هي أحسن، ونشدّد عليهم في تكثيف اللقاءات التشاوريّة فيما بينهم، وفي تفعيل دور التناصح والتواصي فيما بينهم؛ لتأتي الخطوات مدروسة، ولتلافي غير المقبول من المواقف والتصرّفات، هذا وأملنا فيكم يحدونا في أن نشهد منكم وعلى أيديكم إحياءً مميّزاً يرضي صاحب الذكرى (صلوات الله عليه)عنّا.
العنوان الثاني: غزّة المجازر:
ارتكب العدو الصهيونيّ الغاشم يوم الثلاثاء من هذا الأسبوع عشر مجازر، ضحاياها مائة شهيد، وعشرات المصابين، وليست الأولى ولا الأخيرة في وسط صمت منكر مطبق تسقط معه أقنعة حماية وحفظ حقوق الإنسان الّتى طالما رفع الغرب عقيرته بها، فلا ينتظر من الغرب بحضارته الزيف وتمدّنه المصطنع أن يوقف نزف الدم والعبث اللإنساني، بل سعى ويسعى إلى حماية اقتصاده بما أوتي من قوة. نعم لو كانت بعض هذه الانتهاكات في حقّ الحيوان لأقاموا الدنيا ولم يقعدوها.
العنوان الثالث: لأجل الوطن الغالي:
في أجواء شهر رمضان شهر الخير والبركة وتوخياً لما هو الصالح العامّ من جهة، وإبرازاً لسعة الصدر من جهة أخرى يجدر بحكومة بلدنا الغالي في منطق العقلاء أن تعالج بالكامل الحالة السياسية الّتي استطال أمدها بغير الأداء الأمنيّ، فتفرج عن السجناء، وتسمح بعودة المغتربين، وتعمل جادّة على حلحلة ما يؤذن بتأزيم الأوضاع، ويدها- بعد قدرة الله- هي الطولى على ذلك ممّا سواها، وممّا يؤذن ببقاء الأوضاع مأزومةً ملف البطالة المقلق والمقيت الّذي علاجه بجدّ إنما هو بعهدة الحكومة بل رئيسها دون وزير العمل الذي لا يملك سوى التنفيذ.
اللهم صلّ على محمّد وآل محمّد، واغفر لنا ولآبائنا ولأمهاتنا ولمن له حقّ علينا ولجميع المؤمنين والمؤمنات، وتجاوز عنّا، وهب لنا رحمة واسعة جامعة نبلغ بها خير الدنيا والآخرة، واشف مرضانا، ورد غربائنا ، وفك أسرانا، إله الحقّ وخالق الخلق.
“إِنَّ ٱللَّهَ يَأۡمُرُ بِٱلۡعَدۡلِ وَٱلۡإِحۡسَٰنِ وَإِيتَآيِٕ ذِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَيَنۡهَىٰ عَنِ ٱلۡفَحۡشَآءِ وَٱلۡمُنكَرِ وَٱلۡبَغۡيِۚ يَعِظُكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ”.

