Close Menu
    X (Twitter) الانستغرام يوتيوب تيلقرام
    الإثنين | 27 أكتوبر 2025
    X (Twitter) الانستغرام يوتيوب تيلقرام
    الشيخ علي الصدديالشيخ علي الصددي
    • الرئيسية
    • السيرة الذاتية
    • خطبة الجمعة
    • المحاضرات
      • كلمات ومشاركات
      • الحديث الأسبوعي
      • الدروس
    • مقالات
    • أخبار
    • بيانات ومواقف
    • كتب و مطبوعات
    • وسائط
      • صوت
      • صور
      • فيديو
    • طلب استفتاء
    الشيخ علي الصدديالشيخ علي الصددي
    الرئيسية»خطبة الجمعة
    خطبة الجمعة

    خطبة الجمعة للشيخ علي الصددي – 16 رمضان 1444هـ / 7 أبريل 2023م

    2023-04-0714 دقائق
    شاركها
    تويتر واتساب تيلقرام البريد الإلكتروني Copy Link

    خطبة الجمعة للشيخ علي الصددي – ١٦/ ٩/ ١٤٤٤هـ الموافق 7 أبريل 2023م جامع الإمام الصادق(ع) – الدراز

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    الخطبة الأولى:

    أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الغوي الرجيم .. 

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله المستحمد عباده بالآلاء وتتابع النعماء، وصارف الشدائد والبلاء، فكَم مِن فادِحٍ مِنَ البَلاءِ أقَاله، وَكَم مِن عِثارٍ وَقَاه، وَكَم مِن مَكروُهٍ دَفَعه. 

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده في ربوبيّته، ووجوده ووحدانيّته، صمدا لا شريك له، فردا لا ظهير له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اصطفاه وانتجبه وارتضاه، وبعثه داعيا إلى الحق، وسراجا منيرا، وللعباد مما يخافون نذيرا، ولما يأملون بشيرا، فنصح للأمة، وصدع بالرسالة، وأبان لهم درجات العمالة، شهادة عليها أموت وأحشر، وبها في الآجلة أقرُب وأحبر.

    عباد الله وإماءه وأهل طاعته، أوصيكم ونفسي بتقوى الله، ولا أحقّ بتقواه منه سبحانه، قال سبحانه- مبيّناً وجه أحقّيّته بأن يتّقى-:”قُلۡ مَن يَرۡزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِوَٱلۡأَرۡضِ أَمَّن يَمۡلِكُ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡأَبۡصَٰرَ وَمَن يُخۡرِجُ ٱلۡحَيَّمِنَ ٱلۡمَيِّتِ وَيُخۡرِجُ ٱلۡمَيِّتَ مِنَ ٱلۡحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ ٱلۡأَمۡرَۚفَسَيَقُولُونَ ٱللَّهُۚ فَقُلۡ أَفَلَا تَتَّقُونَ”- يونس: ٣١-.

    أمّا بعد أيّها الملأ الكريم من المؤمنين والمؤمناتفالحديث في هذا المقام في عناوين أربعة:

    العنوان الأوّل: من دروس الصدق في حياة الإمام الحسن- عليه السلام-:

    فقد روى رئيس المحدّثين الشيخ الصدوق- رضي الله عنه- في كتابه- الأمالي-: ٢٤٤ ح ٢٦٢- بسنده عن المفضّل بن عمر قال: قال الصادق- عليه السلام-: حدّثني أبي عن أبيه- عليهما السلام- :”أنّ الحسن بن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) كان أعبد الناس في زمانه، وأزهدهم وأفضلهم، وكان إذا حجّ حجّ ماشيا، وربما مشى حافيا، وكان إذا ذكر الموت بكى، وإذا ذكر القبر بكى، وإذا ذكر البعث والنشور بكى، وإذا ذكر الممر على الصراط بكى، وإذا ذكر العرض على الله- تعالى ذكره- شهق شهقة يغشى عليه منها، وكان إذا قام في صلاته ترتعد فرائصه بين يدي ربّه- عزّ وجلّ-، وكان إذا ذكر الجنة والنار اضطرب اضطراب السليم، وسأل الله تعالى الجنة، وتعوذ به من النار، وكان (عليه السلام) لا يقرأ من كتاب الله عز وجل: (يا أيها الذين آمنوا) إلا قال: لبيك اللهم لبيك، ولم ير في شيء من أحواله إلا ذاكرا لله سبحانه، وكان أصدق الناس لهجة، وأفصحهم منطقا.

    العنوان الثاني: معركة بدر الكبرى وبعض دروسها:

    وقد تناول الكتاب العزيز مشاهد وأحداثا لهذه المعركة، وترك رسائل ودروسا، فهي المعركة المثال لقوله سبحانه: “..كَممِّن فِئَةٖ قَلِيلَةٍ غَلَبَتۡ فِئَةٗ كَثِيرَةَۢ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ مَعَ ٱلصَّابِرِينَ”- البقرة: ٢٤٩-، فقد قال سبحانه عن هذه المعركة بالخصوص في هذا الأمر: “وَلَقَدۡ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُبِبَدۡرٖ وَأَنتُمۡ أَذِلَّةٞۖ..” لا يقوون على المقاومة؛ لقلّة عددهم وعدّتهم، وقد لجأ النبيّ- صلّى الله عليه وآله- ومن معه إلى الدعاء، واستنزلوا المدد الغيبيّ، قال ابن عباس- كما عن مجمع البيان-: لما كان يوم بدر واصطفّ القوم للقتال قال أبو جهل: اللهم أولانا بالنصر فانصره، واستغاث المسلمون، فنزلت الملائكة، ونزل قوله: “إِذۡتَسۡتَغِيثُونَ رَبَّكُمۡ فَٱسۡتَجَابَ لَكُمۡ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلۡفٖ مِّنَ ٱلۡمَلَٰائِكَةِ مُرۡدِفِينَ”- الأنفال: ٩-، وقيل: إن النبيّ- صلّى الله عليه وآله- لما نظر إلى كثرة عدد المشركين وقلّة عدد المسلمين استقبل القبلة وقال: “اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم إن تَهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض”، فما زال يهتف ربّه مادّا يديه حتى سقط رداؤه من منكبه، فأنزل الله تعالى: “إِذۡ تَسۡتَغِيثُونَ رَبَّكُمۡ..”، وفي المجمع أيضا: وبلغ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآلهكثرة قريش ففزعوا فزعا شديدا وشكوا وبكوا واستغاثوا، فأنزل الله على رسوله: “إِذۡ تَسۡتَغِيثُونَ رَبَّكُمۡ فَٱسۡتَجَابَلَكُمۡ..”، وقد أفاض الكتاب العزيز في الحديث عن المدد الإلهي الكريم في بدر المتمثّل في الملائكة فقال- بعد آية: “وَلَقَدۡ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ بِبَدۡرٖ وَأَنتُمۡ أَذِلَّةٞۖ..”- “إِذۡ تَقُولُ لِلۡمُؤۡمِنِينَ أَلَن يَكۡفِيَكُمۡ أَن يُمِدَّكُمۡ رَبُّكُم بِثَلَٰثَةِ ءَالَٰفٖ مِّنَ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ مُنزَلِينَ :: بَلَىٰٓۚ إِن تَصۡبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأۡتُوكُم مِّن فَوۡرِهِمۡ هَٰذَا يُمۡدِدۡكُمۡ رَبُّكُم بِخَمۡسَةِ ءَالَٰفٖ مِّنَ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةِمُسَوِّمِينَ :: وَمَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ إِلَّا بُشۡرَىٰ لَكُمۡ وَلِتَطۡمَئِنَّقُلُوبُكُم بِهِۦۗ وَمَا ٱلنَّصۡرُ إِلَّا مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَكِيمِ:: لِيَقۡطَعَ طَرَفٗا مِّنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَوۡ يَكۡبِتَهُمۡ فَيَنقَلِبُواْ خَآئِبِينَ”- آل عمران: ١٢٤- ١٢٧-، وقال في موضع آخر: “إِذۡيُغَشِّيكُمُ ٱلنُّعَاسَ أَمَنَةٗ مِّنۡهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيۡكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِمَآءٗ لِّيُطَهِّرَكُم بِهِۦ وَيُذۡهِبَ عَنكُمۡ رِجۡزَ ٱلشَّيۡطَٰنِ وَلِيَرۡبِطَعَلَىٰ قُلُوبِكُمۡ وَيُثَبِّتَ بِهِ ٱلۡأَقۡدَامَ :: إِذۡ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى ٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمۡ فَثَبِّتُواْ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْۚ سَأُلۡقِي فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعۡبَ فَٱضۡرِبُواْ فَوۡقَ ٱلۡأَعۡنَاقِوَٱضۡرِبُواْ مِنۡهُمۡ كُلَّ بَنَانٖ :: ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ شَآقُّواْ ٱللَّهَوَرَسُولَهُۥۚ وَمَن يُشَاقِقِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَإِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ :: ذَٰلِكُمۡ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابَ ٱلنَّارِ”- الأنفال: ١١- ١٤-.

    روى الطبري بسنده عن ابن عباس، أنه قال: كان المهاجرون يوم بدر سبعة وسبعين رجل، و كانالأنصار مائتين وستة و ثلاثين رجل، و كان صاحب راية رسول الله علي بن أبي طالب، وصاحب راية الأنصار سعد بن عبادة. و عن ابن عبد البر المالكي عن ابن عباس قال: دفع رسول الله (ص) الراية يوم بدر إلى علي وهو ابن عشرين سنة.

    وكان المهاجرون يوم بدر سبعة وسبعين رجلاً وكان الأنصار مائتين وستة وثلاثين رجلاً، وكان صاحب راية رسول الله (ص) علي بن ابي طالب (ع) فيكون مجموع المسلمين ثلاثمائة وثلاثة عشر مقاتلاً وكان معهم فرَسان وسبعون بعيراً فكان الرجلان والثلاثة يتعاقبون على بعير واحد، وكان المشركون تسعمائة وخمسين رجلاً بصحبة مائتي فرس وسبعمائة بعير.

    وفي الإرشاد بسنده عن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وآله قال: لما أصبح الناس يوم بدر اصطفت قريش أمامها عتبة بن ربيعة، وأخوه شيبة، وابنه الوليد، فنادى عتبة رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا محمد أخرج إلينا أكفاءنا من قريش، فبدر إليهم ثلاثة من شبانالأنصار، فقال لهم عتبة: من أنتم؟ فانتسبوا له، فقال لهم: لا حاجة بنا إلى مبارزتكم، إنما طلبنا بني عمنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله للأنصار: ارجعوا إلى مواقفكم، ثم قال: قم يا علي، قم يا حمزة، قم يا عبيدة، قاتلوا على حقكم الذي بعث الله به نبيكم، إذ جاؤوا بباطلهم ليطفؤوا نور الله، فقاموا فصافوا القوم، وكان عليهم البيض ولم يعرفوا، فقال لهم عتبة: تكلموا، فإن كنتم أكفانا قاتلناكم، فقال حمزة: أنا حمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله، فقال عتبة: كفو كريم، وقال أمير المؤمنين عليه السلام: أنا علي بن أبي طالب، وقال عبيدة: أنا عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب، فقال عتبة لابنه الوليد: قم يا وليد، فبرز إليه أمير المؤمنين وكانا إذ ذاك أصغر الجماعة سنا، فاختلفا ضربتين أخطأت ضربة الوليد أمير المؤمنين عليه السلام، واتقى بيده اليسرى ضربة أمير المؤمنين عليه السلام فأبانها. ثم بارز عتبة حمزة رضي الله عنه فقتله حمزة، ومشى عبيدة – وكان أسن القوم – إلى شيبة، فاختلفا ضربتين فأصاب ذباب (١) سيف شيبة عضلة ساق عبيدة فقطعها، واستنقذه أمير المؤمنين عليه السلام وحمزة منه، وقتلا شيبة، وحمل عبيدة من مكانه فمات بالصفراء.

    وعن المجمع: ذكر جماعة من المفسرين كابن عباس وغيره أن جبرئيل قال للنبي صلى الله عليه وآله يوم بدر: خذ قبضة من تراب فارمهم بها، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لما التقى الجمعان لعلي عليه السلام: أعطني قبضة من حصباء الوادي، فناوله كفّاً من حصا عليه تراب فرمى به في وجوه القوم و قال: “شاهت الوجوه”فلم يبق مشرك إلا دخل في عينه وفمه ومنخريه منها شئ، ثم ردفهم المؤمنون يقتلونهم ويأسرونهم، وكانت تلك الرمية سبب هزيمة القوم، قال الله سبحانه: “فَلَمۡ تَقۡتُلُوهُمۡوَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ قَتَلَهُمۡۚ وَمَا رَمَيۡتَ إِذۡ رَمَيۡتَ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ وَلِيُبۡلِيَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ مِنۡهُ بَلَآءً حَسَنًاۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٞ :: ذَٰلِكُمۡ وَأَنَّ ٱللَّهَ مُوهِنُ كَيۡدِ ٱلۡكَٰفِرِينَ”- الأنفال: ١٧، ١٨-.

    العنوان الثالث: فضيلة: (لا فتى إلا علي):

    ونحن نستقبل ذكرى شهادة أمير المؤمنين- عليه السلام- أتحدّث عن مفردة قرآنية لم تسلّط عليها الأضواء بشكل وافٍ- فيما أعلم-، وهي مفردة (الفتى)، ومن استعمالاتها القرآنية ما وصف به خليله إبراهيم- عليه وعلى نبيّنا وآله السلام-: “قَالُواْ مَن فَعَلَ هَٰذَا بِـَٔالِهَتِنَآ إِنَّهُۥ لَمِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ :: قَالُواْ سَمِعۡنَا فَتٗى يَذۡكُرُهُمۡ يُقَالُ لَهُۥٓإِبۡرَٰهِيمُ”- الأنبياء: ٥٩، ٦٠-، ومن استعمالاتها ما جاء في ذكر أصحاب الكهف حيث قال سبحانه: “إِذۡ أَوَى ٱلۡفِتۡيَةُإِلَى ٱلۡكَهۡفِ..”- الكهف: ١٠-، وقال سبحانه أيضا في حقّهم: “نَّحۡنُ نَقُصُّ عَلَيۡكَ نَبَأَهُم بِٱلۡحَقِّۚ إِنَّهُمۡ فِتۡيَةٌءَامَنُواْ بِرَبِّهِمۡ وَزِدۡنَٰهُمۡ هُدٗى”- الكهف: ١٣-، ومن استعمالاتها ما جاء في يوشع بن نون وصي موسى الكليم (عليه السلام) حيث قال سبحانه: “وَإِذۡ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَىٰهُلَآ أَبۡرَحُ حَتَّىٰٓ أَبۡلُغَ مَجۡمَعَ ٱلۡبَحۡرَيۡنِ أَوۡ أَمۡضِيَحُقُبٗا”- الكهف: ٦٠، فما المراد من مفردة (الفتى)؟ وأنّه هل يراد منه من هو في سنّ الفتوّة والشباب؟والجواب عن ذلك بالسلب، فالمراد من (الفتى) هو المؤمن، ففي تفسير العياشي: عن سليمان بن جعفر الهذليّ قال: قال لي جعفر بن محمد عليهما السلام: ياسليمان من الفتى؟ قال: قلت: جعلت فداك الفتى عندنا الشاب، قال لي: أما علمت أن أصحاب الكهف كانوا كلهم كهولا فسماهم الله فتية بإيمانهم؟ يا سليمان من آمن بالله واتّقى فهو الفتى، وفي كتاب معاني الأخبار للصدوق- رضي الله عنه- بسند معتبر- عن أبان بن عثمان عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن جده- عليهم السلام- قال: إنّ أعرابيا أتى رسول الله- صلى الله عليه وآله- فخرج إليه في رداء ممشق (أي مصبوغ بالمَشْق، وهو طين أحمر يستعمل للصَبغ)، فقال: يا محمد لقد خرجت إليّ كأنك فتى. فقال- صلّى الله عليه وآله-:نعم يا أعرابي أنا الفتى، ابن الفتى، أخو الفتى. فقال: يا محمد أما الفتى فنعم، وكيف ابن الفتى وأخو الفتى؟ فقال: أما سمعت الله عز وجل يقول: ” قَالُواْ سَمِعۡنَا فَتٗى يَذۡكُرُهُمۡ يُقَالُ لَهُۥٓ إِبۡرَٰهِيمُ”، ” فأنا ابن إبراهيم، وأما أخو الفتى فإن مناديا نادى في السماء يوم أحد ” لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي، فعلي أخي وأنا أخوه، وفي كتاب- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) في ضمن حديث له مع الرشيد محتجّاً على أحقّيّة أمير المؤمنين- عليه السلام- قال: “على أن العلماء قد اجمعوا على أن جبرئيل عليه السلام قال يوم أحد: يا محمد ان هذه لهى المواساة من على قال: لأنه منى وانا منه فقال جبرئيل: وانا منكما يا رسول الله (ص) ثم قال: لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي فكان كما مدح الله تعالى به خليله عليه السلام: إذ يقول: “فَتٗى يَذۡكُرُهُمۡ يُقَالُ لَهُۥٓإِبۡرَٰهِيمُ”.

    العنوان الرابع: فضل إحياء ليلة القدر:

    وأكتفي في هذا الأمر بإيراد روايةٍ رواها رئيس المحدّثين الشيخ الصدوق (رضي الله عنه) في كتابه (فضائل الأشهر الثلاثة-: ١٢٥- ١٢٨ ح١٣١) بسنده عن عبد الله بن عبّاس أنّه سمع رسول الله- صلّى الله عليه وآله- يقول: إنّ الجنّة لتحبر وتزيّن من الحول إلى الحول؛ لدخول شهررمضان،- إلى أن قال-وينزل الله- عزّ وجلّ- ملائكته في كلّ ليلة في شهر رمضان ثلاث مرّات،  (و)يقول الله- عزّ وجلّ- (في كل ليلة من شهر رمضان ثلاث مرّات) هل من سائل فأعطيه سؤله؟ هل من تائب فأتوب عليه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ من يقرض المليّ غير المعدم والوفيّ غير الظلوم؟ فإنّ لله- تبارك وتعالى- في كلّ يوم من شهر رمضان عند الإفطار (ألف ألف) عتيق من النار، فإذا كانت ليلة الجمعة ويوم الجمعة أعتق في كلّ ساعة منهما ألف ألف عتيق من النار كلّهم قد استوجبوا العذاب، فإذا كان في آخر يوم من شهر رمضان أعتق في ذلك اليوم بعدد ما أعتق من أول الشهر إلى آخره، فإذا كان ليلة القدر أمر الله- عزّ وجلّ- جبرئيل فهبط في كوكبة من الملائكة إلى الأرض، ومعه لواء أخضر فيركز اللواء على ظهر الكعبة، وله ستمائة جناح، منها جناحان لا ينشرهما إلا في ليلة القدر، فينشرهما في تلك الليلة فيتجاوز (فيجاوزان) المشرق والمغرب، ويبثّ جبرئيل- عليه السلام- الملائكة في هذه الأمّة، فيسلّمون على كلّ قائم وقاعد ومصلّ وذاكر، ويصافحونهم ويؤمّنون على دعائهم حتى يطلع الفجر، فإذا طلع الفجر نادى جبرئيل: يا معشر الملائكة، الرحيل الرحيل، فيقولون: يا جبرئيل، ما صنع الله في حوائج المؤمنين من أمّة محمّد؟ فيقول: إن الله- عزّ وجلّ- قد نظر إليهم في هذه الليلة، وغفر لهم إلا أربعة، فقيل: يا رسول الله، من هؤلاء الأربعة؟ قال: رجل مات مدمن خمر وعاقّ والديه وقاطع رحم ومشاحن، قيل يا رسول الله وما المشاحن؟ قال: هو المصارم، فإذا كانت ليلة الفطر سميت تلك الليلة ليلة الجائزة، فإذا كانت غداة الفطرة بعث الله- عزّ وجلّ- الملائكة في كلّ البلاد، فيهبطون إلى الأرض فيقومون (على) أفواه السكك فينادون بصوت يسمعه جميع من خلق الله إلا الجن والأنس، فيقولون: يا أمّة محمّد، اخرجوا إلى ربّكم ربّ كريم، يعطي الجزيل ويغفر العظيم، فإذا برزوا إلى مصلاهم يقول الله- عزّ وجلّ-: يا ملائكتي ما جزاء الأجير إذا عمل عمله؟ فتقول الملائكة: إلهنا وسيدنا، جزاؤه أن توفيه أجره، قال: فيقول- عزّ وجلّ-: فإنّي أشهدكم ملائكتي أنّي قد جعلت ثوابهم عن صيامهم شهر رمضان وقيامهم رضائي ومغفرتي، ويقول- جلّ جلاله-:يا عبادي، سلوني فوعزّتي وجلالي لا تسألوني اليوم شيئا في جمعكم لآخرتكم إلا أعطيتكم، ولدنياكم إلا نظرت لكم، وعزّتي لأسترن عليكم عثراتكم ما رأيتموني، وعزتي لا أخزينكم ولا أفضحنكم بين يدي أصحاب الخلود، انصرفوا مغفورا لكم قد أرضيتموني فرضيت عنكم، فتعرج الملائكة وتستبشر بما يعطي الله- عزّ وجلّ- هذه الأمة إذا أفطروا من شهر رمضان. 

    اللهم صل على محمد وآله، واغفر لنا ولجميع المؤمنين والمؤمنات، وتب علينا إنّك أنت التوّاب الرحيم، اللهم إنّا نحبّ محمّداً وآل محمد فاحشرنا معهم، اللهم إنّانحبّ عمل محمّد وآل محمّد فأشركنا في عملهم، اللهم أرنا في آل محمّد (عليهم السلام) ما يأمَلون، وفي عدوّهم ما يحذرون، اللهم انصر من نصر الدين، واخذل من خذل الدين، وأحلل غضبك بالقوم الظالمين. 

    إنّ أحسن الحديث كتاب الله العزيز: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ” بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ “وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)”

    …………………………………………………………………… 

    الخطبة الثانية

    الحمد لله بديع السموات والأرض، ورب الأرباب، وإله كل مألوه، وخالق كل مخلوق، ووارث كل شيء، ليس كمثله شيء، ولا يعزب عنه علم شيء، وهو بكل شيء محيط، وهو على كل شيء رقيب. 

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، فلا إله غيره فأدعوه ولا رب سواه فأرجوه. وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله وبشيره ونذيره- صلّى الله عليه وآله- عبد الله وأخلصه بعبادته إياه حتى أتاه اليقين. 

    عباد الله وأهل طاعته، أوصيكم ونفسي بتقوى الله، واعلموا أنّ العبد لا يبلغ شكر نعم الله وعطاياه من دون تقواه وموافقة أوامره ونواهيه، والعمل بما أحب، والترك لما كره ونهى عنه، قال الله سبحانه: “..فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ”- آل عمران: ١٢٣-.

    اللهم صلّ على محمد خاتم النبيّين والمرسلينالصادق الأمين، وعلى عَليٍّ أميرِ المُؤمِنينَ وَوَصيِّ رَسولِ رَبِّ العالَمينَ وعَلى الصِّدّيقَةِ الطَّاهِرَةِ فِاطِمَةَ سَيِّدَةِ نِساءِ العالَمينَ، وَصَلِّ عَلى سِبطَي الرَّحمَةِ وَإمامَي الهُدى الحَسَنِ وَالحُسَينِ، وَصَلِّ عَلى أئِمَّةِ المُسلِمينَ عَليِّ بنِ الحُسَينِ وَمُحَمَّدِ بنِ عَليٍّ وَجَعفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ وَموسى بنِ جَعفَرٍ وَعَليِّ بنِ موسى وَمُحَمَّدِ بنِ عَليٍّ وَعَليِّ بنِ مُحَمَّدٍ وَالحَسَنِ بنِ عَليٍّ وَالخَلَفِ الهادي المَهدي، حُجَجِكَ عَلى عِبادِكَ وَاُمَنائِكَ في بِلادِكِ صَلاةً كَثيرَةً دائِمَة. اللهُمَّ وَصَلِّ عَلى وَليِّ أمرِكِ القائِمِ المُؤَمَّلِ وَالعَدلِ المُنتَظَرِوَحُفَّهُ بِمَلائِكَتِكَ المُقَرَّبينَ وَأيِّدهُ بِروحِ القُدُسِ يا رَبَّ العالَمينَ,اللهم واحفظ وسدّد وأيّد نوّابه بالحقّ، والفقهاء العدول، والعلماء العاملين. 

    أمّا بعد أيّها الملأ الكريم من المؤمنين والمؤمناتفإلى عناوين ثلاثة:

    العنوان الأوّل: الإمام الحسن (عليه السلام) وقضيّة الحكم:

    لم تشكّل قضيّة الحكم في مدرسة أهل البيت- عليهم السلام- وعلى مستوى قولهم وفعلهم غاية الغايات التي يضحى بكلّ شيء من أجلها، فهي لا تعدو أن تكون وسيلةً لبلوغ غايات منظورة، فإذا ما لزم من الإصرار على قضية الحكم تضييع المصالح الكبرى للدين وللأمّة، ففي- نهج البلاغة- من كلام لأمير المؤمنين- عليه السلام-لما عزموا على بيعة عثمان، قال: لقد علمتم أني أحقّ الناس بها من غيري، ووالله لأسلِّمن ما سلَمت أمور المسلمين، ولم يكن فيها جور إلا عليَّ خاصّة”، فلا خطر للحكم عندهم وتسلّوا عنه- رغم أنّه حقّهم اللازم- بانحفاظ تلكم المصالح، وقد ذكر الإمام الحسن- عليه السلام- في وجه صلحه وتركه الحكم: “ولولا ما أتيت لما تُرك من شيعتنا على وجه الأرض أحد إلا قتل”، وفي كتاب- الأمالي- لشيخ الطائفة الطوسيّ (رضي الله عنه) بسنده أنّه خطب الإمام الحسن- عليه السلام- بمحضر معاوية، فكان ممّا قاله: “أيّها الناس إنه لا يعاب أحد بترك حقّه، وإنما يعاب أن يأخذ ما ليس له، وكل صواب نافع، وكل خطأ ضارّ لأهله”، فلا ينتظر من مثل الإمام الحسن- عليه السلام- أن يقيم الدنيا ولا يقعدها، وأن لا يقيم وزناً لأكبر مصالح الإسلام والمسلمين.

    العنوان الثاني: اقتحام المسجد الأقصى وهتك حرمته:

    هل لم يعد المسجد الأقصى الّذي هو القبلة الأولى للمسلمين القضية الكبيرة الّتي ينتصر لها ويدافع عنها الصهاينة المحتلّين؟ حيث غدا مرتعاً لاقتحامات قوّات الاحتلال والمستوطنين الأوباش صباح الأربعاء والخميس، وتعرّض المصلّون والمعتكفون فيه للضرب والاعتداء. وماهي الرسائل الّتي وصلت للغزاة الصهاينة وجرّأته على تكرار هذه الممارسات؟ وهل التطبيع يعني الوقوف إلى جانبهم وإعانتهم على هذه الاعتداءات ولو بالسكوت؟

    العنوان الثالث: العلماء حصون الإسلام:

    إذا ما أردت التعرّف وبلا مزيد عناء على عدو للإسلام أو على أداة لهذا العدو فانظر إلى تعاطيه مع علماء الإسلام فإذا ما توجّهت سهامه القذرة إليهم وأخذ في النيل منهم؛ فإن العلماء حصون الإسلام، ولا يكاد بالإسلام إلا من خلال المساس بحصونه. والمساس بشخص سماحة العلامة الغريفيّ- سلّمه الله- وإن بدا شرراً وشرّاً، ولكنّه عرّى المعتدين عليه وكشف زيفهم، “لَا تَحۡسَبُوهُ شَرّٗا لَّكُمۖبَلۡ هُوَ خَيۡرٞ لَّكُمۡۚ”.

    اللهم صلّ على محمّد وآل محمّد، اللهم أصلح كلّ فاسد من أمور المسلمين، واغفر لنا ولجميع المؤمنين والمؤمنات، وتجاوز عنّا، وهب لنا رحمة واسعة جامعة نبلغ بها خير الدنيا والآخرة، إله الحقّ وخالق الخلق. 

    “إِنَّ ٱللَّهَ يَأۡمُرُ بِٱلۡعَدۡلِ وَٱلۡإِحۡسَٰنِ وَإِيتَآيِٕ ذِي ٱلۡقُرۡبَىٰوَيَنۡهَىٰ عَنِ ٱلۡفَحۡشَآءِ وَٱلۡمُنكَرِ وَٱلۡبَغۡيِۚ يَعِظُكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ”.

    شاركها. تويتر واتساب تيلقرام البريد الإلكتروني Copy Link
    السابقخطبة الجمعة للشيخ علي الصددي – 9 رمضان 1444هـ / 31 مارس 2023م
    التالي خطبة الجمعة للشيخ علي الصددي – 23 رمضان 1444هـ / 14 أبريل 2023م

    اقـرأ أيضـًا

    خطبة الجمعة للشيخ علي الصددي – 4 ربيع الثاني 1446هـ / 11 أكتوبر 2024م

    خطبة الجمعة للشيخ علي الصددي – 23 ربيع الاول 1446هـ / 27 سبتمبر 2024م

    خطبة الجمعة للشيخ علي الصددي – 16 ربيع الاول 1446هـ / 20 سبتمبر 2024م

    منوعات

    الفقيد الراحل الجمري] (قده) في كلام أحد مريديه حوارٌ مع سماحة الشيخ علي فاضل الصددي (سلَّمه الله تعالى)

    كبار العلماء : ندعو المؤمنين إلى أمسيّات دعائية في اللطف بأهلنا في لبنان وحمايتهم

    خطبة الجمعة للشيخ علي الصددي – 28 ذو الحجة 1445هـ / 5 يوليو 2024م

    قاعدة نفي الحرج.. معالجةٌ في المدرك

    الشيخ علي الصددي
    X (Twitter) الانستغرام يوتيوب تيلقرام
    • الرئيسية
    • اتصل بنا
    جميع الحقوق محفوظة 2025 © - الشيخ علي الصددي

    اكتب كلمة البحث ثم اضغط على زر Enter