Close Menu
    X (Twitter) الانستغرام يوتيوب تيلقرام
    الإثنين | 27 أكتوبر 2025
    X (Twitter) الانستغرام يوتيوب تيلقرام
    الشيخ علي الصدديالشيخ علي الصددي
    • الرئيسية
    • السيرة الذاتية
    • خطبة الجمعة
    • المحاضرات
      • كلمات ومشاركات
      • الحديث الأسبوعي
      • الدروس
    • مقالات
    • أخبار
    • بيانات ومواقف
    • كتب و مطبوعات
    • وسائط
      • صوت
      • صور
      • فيديو
    • طلب استفتاء
    الشيخ علي الصدديالشيخ علي الصددي
    الرئيسية»خطبة الجمعة
    خطبة الجمعة

    خطبة الجمعة للشيخ علي الصددي – 9 محرم 1445هـ / 28 يوليو 2023م

    2023-07-2916 دقائق
    شاركها
    تويتر واتساب تيلقرام البريد الإلكتروني Copy Link

    خطبة الجمعة للشيخ علي الصددي 09/ 01/ 1445هـ الموافق 28 يوليو 2023م جامع الإمام الصادق(ع) – الدراز

     

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    الخطبة الأولى:

    أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الغوي الرجيم .. 

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله على عظيم صفحه وحسن صنعه وكرم عفوه وجزيل إحسانه وجميل بلائه. 

    وأشهد أن لا إله إلا الله الأوّل بلا تكوين، والآخر بلا نفاد، والبارىء بغير غاية، والدائم بلا فناء، والقائم على كلّ نفس بما كسبت، والعزيز بلا معين. وأشهد أنّ محمّد بن عبد الله الصادق الأمين عبده ورسوله، أدّى الأمانة، ونصح لأمّته، عَزِيزٌ عَلَيۡهِ مَا عَنِتُّمۡ حَرِيصٌ عَلَيۡكُم بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ رَءُوفٞ رَّحِيمٞ، صلّى الله عليه وآله صلاة لا تكون صلاة أزكى ولا أنمى منها. 

    عباد الله وإماءه وأهل إجابته وطاعته، اتقوا الله، “وَٱخۡشَوۡاْ يَوۡمٗا لَّا يَجۡزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِۦ وَلَا مَوۡلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِۦ شَيۡـًٔاۚ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞۖ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِٱللَّهِ ٱلۡغَرُور”.

    أمّا بعد أيّها الملأ المؤمن العاشورائي الكريمفحديثي في هذا المقام عن معنى (حسين منّي..) في ظلّ المأثور كتاباً وسنّة، فممّا أُثر عن النبيّ المصطفى (صلّى الله عليه وآله) من طرق الفريقين في حقّ سبطه الحسين (صلوات الله وسلامه عليه): “حسين منّي، وأنا من حسين، أحبّالله من أحبّ حسيناً، حسين سبط من الأسباط”، وقد أخرجه الحاكم في مستدركه على الصحيحين.

    والبحث في فقه هذا الحديث في جملته الأولى: (حسين منّي)، فكون الحسين(عليه السلام) من النبيّ (صلّى الله عليه وآله) يقع على معان، ولا يوجد ما يمنع من إرادة هذه المعاني مجتمعةً:

    وقبل ذلك نقدّم هذه المقدّمة، وهي أنه كما ورد هذا التعبير في حقّ الحسين (عليه السلام) ورد عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله)- وبنحو متكثّر- في حقّ الأمير (عليه السلام)، منها بلفظ: “أنت منّي، وأنا منك”، ومنها بلفظ: “عليٌّ منّي، وأنا منه”، ومنها: ما سيأتي.

    وبهذا يظهر عدم كون المراد من البعضيّة في قوله (صلّى الله عليه وآله): (حسين منّي)- البعضية النسبية وأنه ولد رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، أو البعضيّة الجسمانية إشارةً إلى أنه (عليه السلام) قد رضع من إبهام رسول الله (صلّى الله عليه وآله). كما أنّه ورد هذا التعبير في حقّ الأئمّة (عليهم السلام)، كما سيأتي.

    وورد هذا التعبير في حقّ المهديّ (عليه السلام وعجّل الله فرجه) ففي كتاب الغيبة للشيخ الطوسيّ رحمه الله بإسناده عن يحيى بن العلاء الرازيّ قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: (ينتج الله تعالى في هذه الأمّة رجلا منّي وأنا منه، يسوق الله تعالى به بركات السماوات والأرض، فينزل السماء قطرها، ويخرج الأرض بذرها، وتأمن وحوشها وسباعها، ويملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا..).

    وبعد هذه المقدّمة نستعرض المعاني المحتملة لفقرة: (حسين منّي):

    المعنى الأوّل: أنّه بمعنى يساوق الاتّباع له (صلّى الله عليه وآله) وعدم التخطّي عن هديه ونهجه، وقد جاء هذا المعنى فيما حكاه الله تعالى على لسان إبراهيم الخليل (عليه السلام): {رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آَمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ :: رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}(سورة إبراهيم .آية35)، فالمتّبع لإبراهيم (عليه السلام)- منه. ومنه قوله سبحانه: {لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ ..}(سورة آل عمران، آية28).فالحسين (عليه السلام)- بموجب هذا- من النبيّ (صلّى الله عليه وآله)، لا يجاوز منهجه وشرعه ودينه وهديه، فهو يصدر أبداً عن التكليف الإلهي والمسؤوليّة الشرعيّة.

    وقد استعمل النبيّ (صلّى الله عليه وآله) هذا التعبير في هذا المعنى إيجاباً، كما في المأثور عنه (صلّى الله عليه وآله): (سلمان منّا أهل البيت) (بحار الأنوار 65: 55)، و(ما زال الزبير منّا أهل البيت حتى أدرك فرخه فنهاه عن رأيه)(الخصال، الصدوق ص157)، وسلبا كما في المأثور عنه (صلّى الله عليه وآله): (من غشّنا فليس منّا).

    إذن كون الحسين (عليه السلام) من النبيّ (صلّى الله عليه وآله) يكشف عن كونه متّبعاً له، كما أنّ ما أوحي به إلى النبيّ (صلّى الله عليه وآله)- لمّا بعث أبا بكر لتبليغ سورة براءة من أنّه (لا يؤدّي عنك إلا أنت أو رجل منك)، فردّ أبا بكر- يكشف عن سلب الاتّباع.

    المعنى الثاني: أنّه (عليه السلام) من طينة النبيّ (صلّى الله عليه وآله)، ويرشدنا إلى هذا المعنى ما رواه الصدوق(رضي الله عنه) في الإكمال بسنده عن الرضا (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله): ” يا عليّ، أنت والأئمة من ولدك بعدي حجج الله عزّ وجلّ على خلقه، وأعلامه في بريّته، من أنكر واحدا منكم فقد أنكرني، ومن عصى واحدا منكم فقد عصاني، ومن جفا واحدا منكم فقد جفاني، ومن وصلكم فقد وصلني، ومن أطاعكم فقد أطاعني، ومن والاكم فقد والاني، ومن عاداكم فقد عاداني؛ لأنّكم منّي، خلقتم من طينتي، وأنا منكم” (كمال الدين وتمام النعمة،ج1،ص441 ) والمؤمنون أجمع وإن خلقوا من طينة الأنبياء- كما هو مدلول جملة من الروايات- إلا أنه ورد في بعض الروايات “أنّ الطينات ثلاث، طينة الأنبياء، والمؤمن من تلك الطينة، إلا أنّ الأنبياء هم من صفوتها، هم الأصل، ولهم فضلهم، والمؤمنون من طين لازب”، وورد في بعض آخر: “إن الله خلقنا من أعلى علّيّين، وخلق قلوب شيعتنا مما خلقنا، وخلق أبدانهم من دون ذلك، فقلوبهم تهوي إلينا؛ لأنّها خلقت ممّا خلقنا..”. 

    ثمّ إنّ خلق الحسين (عليه السلام) وكذا خلق سائر الأئمّة (عليهم السلام) من طينة النبي (صلّى الله عليه وآله)-وبموجب جعله تعليلاً لما قبله- عاد إنكاره أو معصيته أو جفاؤه أو معاداته إنكاراً ومعصية وجفاءً ومعاداة لرسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وعادت صلته وطاعته  وموالاته صلةً وطاعة وموالاة لرسول الله (صلّى الله عليه وآله).

    المعنى الثالث: من معاني (حسين منّي) أنّه (عليه السلام) حَلَقَة من حلقات مشروعه، لا يكتمل هذا المشروع النبويّ إلا بالحسين (عليه السلام)، والدور الذي أنيط به- كما هو مكمّل للمشروع كمّاً- فهو يكمله كيفاً، على نسق ما قاله النبيّ (صلّى الله عليه وآله) للأمير (عليه السلام):” ستقاتل على التأويل كما قاتلت عل التنزيل()، ويرشد إلى هذا المعنى ما رواه الصدوق (رضي الله عنه) في الخصال بإسناده عن مكحول قال: قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) لقد علم المستحفظون من أصحاب النبيّ محمّد (صلّى الله عليه وآله) أنه ليس فيهم رجل له منقبة إلا وقد شركته فيها وفضلته، ولي سبعون منقبة لم يشركني فيها أحد منهم، قلت: يا أمير المؤمنين فأخبرني بهن- إلى أن قال- وأما السابعة عشرة فإنّ الله عزّ وجلّ زوّجني فاطمة، وقد كان خطبها أبو بكر وعمر، فزوّجني الله من فوق سبع سماواته، فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): هنيئا لك يا عليّ؛ فإن الله عزّ وجلّ زوّجك فاطمة سيّدة نساء أهل الجنة، وهي بضعة منّي، فقلت: يا رسول الله: أو لست منك؟ فقال: بلى يا عليّ، أنت منّي وأنا منك كيميني من شمالي، لا أستغني عنك في الدنيا والآخرة..(الخصال، الصدوق ص573).

    وقد استعمل نفس هذا التعبير في المعنى الأول طالوت عند خطابه لجنده على ما حكاه الكتاب العزيز: {فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ}(سورةالبقرة،249)، فالاتّباع- خصوصاً في ظرف الشدّة- مؤشّر على هذا المعنى.

    ولكن جاء في الكافي والفقيه والعيون والمعاني- واللفظ للأوّل- عن عليّ عن أبيه عن داود النهديّ عن بعض أصحابنا قال: دخل ابن أبي سعيد المكاريّ على أبي الحسن الرضا (عليه السلام) فقال له: أبلغ الله من قدرك أن تدّعي ما ادّعى أبوك؟! فقال له: “مالك؟ أطفأ الله نورك، وأدخل الفقر بيتك، أما علمت أنّ الله تبارك وتعالى أوحى إلى عمران: أنّي واهب لك ذكرا، فوهب له مريم، ووهب لمريم عيسى (عليه السلام)، فعيسى من مريم ومريم من عيسى، ومريم وعيسى شيء واحد، وأنا من أبي وأبي منّي، وأنا وأبي شيء واحد، فقال له ابن أبي سعيد: وأسألك عن مسألة، فقال: لا أخالك تقبل منّي، ولست من غنمي، ولكن هلمّها، فقال: رجل قال عند موته: كلّ مملوك لي قديم فهو حرٌّ لوجه الله؟ قال: نعم إنّ الله عزّ ذكره يقول في كتابه: {حتى عاد كالعرجون القديم}، فما كان من مماليكه أتى عليه ستة أشهر فهو قديم، وهو حرٌّ، قال: فخرج من عنده وافتقر، حتى مات ولم يكن عنده مبيت ليلة، لعنه الله (الكافي، ج1،ص535). فهذه الرواية تفتحنا على معنى هو المراد من (حسين منّي وأنا من حسين)، وأنّها بفقرتيها وبالبعضيّة المتبادلة فيها تعطي وحدة النبيّ وسبطه (صلوات الله عليهما وآلهما)، ولك حينئذٍ أن تذهب في معنى هذه الوحدة مذهبها ما خلا النبوّة كالعلم والعصمة والطهارة، فلا ينبغي أن تقرأ وتفسّر الفقرة الأولى من هذه الرواية بمعزل عن أختها- كما تقدّم وعلى معان ثلاثة-، إذن الرواية بفقرتيها من قبيل التعبير القرآنيّ- الّذي طبّقه الأئمّة على أولادهم-: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آَدَمَ وَنُوحًا وَآَلَ إِبْرَاهِيمَ وَآَلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ :: ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}(ال عمران،33)، فعندما طبّق الأمير (عليه السلام) (ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ) في بعض الروايات على الحسن (عليه السلام)، فالحسن من عليّ وعليّ من الحسن، وموجبه أنّ عليّاً والحسن شيء واحد.

    وبمثل معناها ما في المحاسن- والسند صحيح-: عنه [أحمد بن محمد بن خالد البرقيّ] عن عليّ بن الحكم عن سعد بن أبي خلف عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): الروح والراحة والفلج والفلاح والنجاح والبركة والعفو والعافية والمعافاة والبشرى والنصرة والرضى والقرب والقرابة والنصر والظفر والتمكين والسرور والمحبّة من الله تبارك وتعالى على من أحبّ عليّ بن أبي طالب، وحقٌّ عليّ أن أدخلهم في شفاعتي، وحقٌّ على ربي أن يستجيب لي فيهم، وهم أتباعي، ومن تبعني فإنّه منّي، جرى فيّ مثل إبراهيم (عليه السلام) وفي الأوصياء من بعدي؛ لأنّي من إبراهيم وإبراهيم منّى، دينه ديني، وسنّته سنّتي، وأنا أفضل منه، وفضلي من فضله، وفضله من فضلي، وتصديق قولي قول ربّي: {ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم} (آل عمران،34)، فبعد أن ذكر’ أوّلاً بعضيّة الاتّباع وهي من طرف واحد- كما هي في سلمان رضي الله عنه بقوله: (وهم أتباعي، ومن تبعني فإنّه منّي)- ذكر ثانياً بعضيّته وبعضيّة أوصيائه المتبادلة مع إبراهيم (عليه السلام) فقال: (جرى فيّ مثل إبراهيم(عليه السلام) وفي الأوصياء من بعدي؛ لأنّي من إبراهيم وإبراهيم منّى، دينه ديني، وسنّته سنّتي، ..وفضلي من فضله، وفضله من فضلي، وتصديق قولي قول ربّي: {ذرية بعضها من بعض والله سميع علي).

    ثمّ إن الإمام الحسين (صلوات الله عليه) قد وظّف قوله سبحانه: (ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)، وطبّقها على ابنه الشهيد عليّ الأكبر (صلوات الله عليه)، قال السيّد ابن طاووس (رضي الله عنه) في كتابه (اللهوف): فلما لم يبق معه سوى أهل بيته خرج علي بنالحسين (عليه السلام) وكان من أصبح الناس وجها وأحسنهم خلقا فاستأذن أباه في القتال فأذن له ثم نظر إليه نظرة آيس منه وأرخى عليه السلام عينه وبكى ثم قال: اللهم أشهد فقد برز إليهم غلام أشبه الناس خلقا وخلقا ومنطقا برسولك (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكنا إذا اشتقنا إلى نبيك نظرنا إليه”. وقال الخوارزميّ في كتابه (مقتل الحسين): “فتقدم علي بن الحسين وأمه ليلى بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود الثقفي، وهو يومئذ ابن ثمان عشرة سنة فلما رآه الحسين رفع شيبته نحو السماء وقال: اللهم اشهد على هؤلاء القوم، فقد برز إليهم غلام أشبه الناس خلقا وخلقا ومنطقا برسولك محمد (صلى الله عليه وآله)، كنا إذا اشتقنا إلى وجه رسولك نظرنا إلى وجهه، اللهم فامنعهم بركات الأرض، وإن متعتهم ففرقهم تفريقا، ومزقهم تمزيقا، واجعلهم طرائق قددا، ولا ترض الولاة عنهم أبدا، فإنهم دعونا لينصرونا ثم عدوا علينا يقاتلونا ويقتلونا. ثم صاح الحسين بعمر بن سعد لعنه الله: ما لك! قطع الله رحمك ولا بارك لك في أمرك، وسلط عليك من يذبحك على فراشك، كما قطعت رحمي ولم تحفظ قرابتي من رسول الله. ثم رفع صوته وقرأ: (إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين * ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم)”.

    وبعد توظيف الآيتين وتطبيقهما من قبل الإمام الحسين على ابنه علي الأكبر(عليهما السلام) فلك أيضاً أن تذهب في معنى هذه الوحدة مذهبها ما خلا النبوّة والعصمة الخاصّة من العلم والطهارة، هذا. وقد خصّ في زيارة عاشوراء بسلام خاصّ من بين سائر أولاد الحسين (صلوات الله عليه) وأصحابه، ومطلوب تكراره مائة مرّة، وهو: “السلام على الحسين وعلى عليّ بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين”.

    اللهم صل على محمد وآله، واغفر لنا ولجميع المؤمنين والمؤمنات، وتب علينا إنّك أنت التوّاب الرحيم، اللهم إنّا نحبّ محمّداً وآل محمد فاحشرنا معهم، اللهم إنّانحبّ عمل محمّد وآل محمّد فأشركنا في عملهم، اللهم أرنا في آل محمّد (عليهم السلام) ما يأمَلون، وفي عدوّهم ما يحذرون، اللهم انصر من نصر الدين، واخذل من خذل الدين، وأحلل غضبك بالقوم الظالمين. 

    ثم إن أحسن القصص وأبلغ الموعظة وأنفع التذكّر كتاب الله (عزّ وجلّ). أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ” بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ “وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)”

    …………………………………………………………………… 

     

    الخطبة الثانية

    الحمد لله عدد ما أنشأ، وملء ما ذرأ، وعدد ما حمده به جميع خلقه، وكما رضي به لنفسه، ورضي به عمن حمده، وكما حمد نفسه واستحمد إلى خلقه، وكما رضي لنفسه وحمده جميع ملائكته. وأشهد أن لا إله إلا الله لا ندّ له، ولا عديل له، ولا نظير له، ولا سمي له، ولا صاحبة له، ولا ولد له، ولا ضد له، ولا معاند له، ولا مكائد له، ولا يبلغ أحد وصفه، وهو كما وصف نفسه أحد صمد لم يتخذ ولداً ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد. 

    وأشهد أن محمّداً عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحقّ؛ ليظهره على كلّ الدين، وعبده حتى أتاه اليقين، صلّى الله عليه وآله الأطيبين الأطهرين الغرّ الميامين. 

    أيّها المؤمنون والمؤمنات أوصيكم ونفسي بتقوى الله وخشيته ومخافته، ورأس الحكمة مخافته، ومن خاف الله آمنه من كلّ شيء، قال سبحانه: “إنّ المتّقين في مقام أمين”.

    اللهم صلّ على محمد خاتم النبيّين والمرسلينالصادق الأمين، وعلى عَليٍّ أميرِ المُؤمِنينَ وَوَصيِّ رَسولِ رَبِّ العالَمينَ وعَلى الصِّدّيقَةِ الطَّاهِرَةِ فِاطِمَةَ سَيِّدَةِ نِساءِ العالَمينَ، وَصَلِّ عَلى سِبطَي الرَّحمَةِ وَإمامَي الهُدى الحَسَنِ وَالحُسَينِ، وَصَلِّ عَلى أئِمَّةِ المُسلِمينَ عَليِّ بنِ الحُسَينِ وَمُحَمَّدِ بنِ عَليٍّ وَجَعفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ وَموسى بنِ جَعفَرٍ وَعَليِّ بنِ موسى وَمُحَمَّدِ بنِ عَليٍّ وَعَليِّ بنِ مُحَمَّدٍ وَالحَسَنِ بنِ عَليٍّ وَالخَلَفِ الهادي المَهدي، حُجَجِكَ عَلى عِبادِكَ وَاُمَنائِكَ في بِلادِكِ صَلاةً كَثيرَةً دائِمَة. اللهُمَّ وَصَلِّ عَلى وَليِّ أمرِكِ القائِمِ المُؤَمَّلِ وَالعَدلِ المُنتَظَرِوَحُفَّهُ بِمَلائِكَتِكَ المُقَرَّبينَ وَأيِّدهُ بِروحِ القُدُسِ يا رَبَّ العالَمينَ,اللهم واحفظ وسدّد وأيّد نوّابه بالحقّ، والفقهاء العدول، والعلماء العاملين. 

    أمّا بعد أيّها الملأ الكريم من المؤمنين والمؤمنات فإلى عناوين ثلاثة :

    العنوان الأوّل: حماقة إحراق كتاب الله وواجب نصرته:

    فبعد أن عجز الغرب الكافر عن معارضة كتاب الله ولو بالإتيان بسورةٍ مثله أو بإبراز اختلاف فيه ولو كان قليلاً رَغم ما سخّروه وبذلوه من أموال طائلة وإمكانات هائلة- ها نحن نشهد منهم ما هو على غرار ما عند الجاهلية الأولى ممّا حكاه عنها كتاب الله سبحانه بقوله: “وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَا تَسۡمَعُواْ لِهَٰذَا ٱلۡقُرۡآنِ وَٱلۡغَوۡاْ فِيهِ لَعَلَّكُمۡ تَغۡلِبُونَ”- (فصلت،26)، فقد حملتهم جاهليتهم- وهم في أوج التحضّر المادّيّ- على ارتكاب حماقة إحراق كتاب الله وتدنيسه وهتك حرمته وبنحو متكرّر، والفاعل وإن كانوا أفرادا ولكنّ الرضا بصنيع هؤلاء- سابقاً ولاحقاً له- عامّ، فالكفر كلّه شريك فيه.

    ثمّ هو بهذا الفعل قد أعلن عجزه عن منازلة كتاب الله ومعارضته، ورفع راية استسلامه له، واعترف بأن حضارته- وإن تعملقت-صوريّة ومزيّفة ما دامت لا تبني إنساناً، ولا تنتج مُثُلاً وأخلاقاً، وما دامت تكرّس اختلاف العنصر واللون واللسان، ويكفي الفعل الهمجيّ معرّفاً بفاعله، وكاشفاً عن سخفه وتدّنّيه، وناطقاً عن مبلغ تحضّره المعنويّ. 

    ونعود لنؤكّد بأنّ حرق الغرب لكتاب الله حماقة وسخف؛ ذلك بأنّهم لم ولن يظفروا بغاية هذه الحماقة من انصراف الناس عن كتاب الله وعدم  إصغائهم لهديه واستضائتهم بنوره، بل عاقبة حماقتهم- الّتي لم يضعوها في حساباتهم- هي انفتاح الناس على كتاب الله ومحاولة التعرف عليه والقرب منه، فحماقتهم الآثمة- من حيث العاقبة- دعوة ودعاية لكتاب الله، وستفاجؤهم وتحيّر عقولهم النتائج ودخول الناس في دين الله أفواجاً، بفضل حضور كتاب الله بين أيديهم، وهذا من نصر الله ومن الفتح الّذي وعد به، ووعده صادق غير مكذوب، “وَمَنۡ أَصۡدَقُ مِنَ ٱللَّهِ قِيلٗا” و”حديثا”- (النساء: ١٢٢، ٧٨).

    ثمّ إنّ نصرة أمّة القرآن- بلا استثناء- للقرآن لازمة بمزايدة تعرّفها عليه والأخذ به والتمسّك بهواتخاذه إماماً والتمكين له وتحكيمه في كل مساحات الحياة، والعمل على الحؤول دون هتكه وتدنيسه وحرقه، وقد أسلفنا الحديث في الجمعة الثانية من شهر رمضان بأنّ الدول الإسلاميةوحكّامها لو وفّروا ضغوطاً كافية لما تكرّر إحراق كتاب الله، وأنهم لو أرادوا ذلك فلن يعدموا آلياته.وتساءلنا عمّا إذا كان الّذي طاله الإحراق هو علم دولة، فهل سيتمّ التعاطي معه كما هو التعاطي السلبيّ مع جريمة إحراق كتاب الله أم أن الدنيا ستقام ولن تقعد؟ فهل هوية الدولة وما يرمز إليها أعظم من هويّة الدين والمسلمين؟ ما لكم كيف تحكمون؟!

    العنوان الثاني: استهداف الحجاب.. والمرجعية فيه:

    وأود في هذا المقام أن أطرق نقطة، وهي ترتبط بمن الّذي يرجع إليه في دين الله فيؤخذ عنه حلال الله وحرامه، وأنّ ما يجب ستره على المرأة من جسدها- مثلاً- ما هو؟ وهذه النقطة هي أنّه كما لا يسوغ لغير الفقيه- الّذي هو متخصّص في الشريعة ومؤهّل علميّاً فيها- أن يقول في دين الله: هذا حلال، وذاك حرام، وهذا واجب، وذاك غير واجب، وهذا حرام، وذاك ليس بحرام، كذلك ليس لعموم المكلّفين أن يرجعوا في دين الله، وأن يأخذوا حلاله وحرامه من غير الفقيه العادل، ولا مؤمّن للمكلّف أمام الله سبحانه حينما يقلّد غير الفقيه العادل دينه، فالمؤمّن هو أن تجعل ما تدين الله به من حلال وحرام في رقبة الفقيه العادل، وأمّا أخذ حلاله سبحانه وحرامه من غير الفقيه العادل وإن تشدّق بالمعرفة فهو لا يزيد من جهة عدم التعذير والتأمين للمكلّف أمام الله سبحانه على الأخذ من الصبيان والجهّال؛ فعن الإمام أبي جعفر الباقر (عليه السلام) في قوله تعالى: ” فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ”(سورةعبس،24) قال: إلى العلم الذي يأخذه عمّن يأخذه.

    العنوان الثالث: يوم عاشوراء وما أدراك ما يوم يومعاشوراء:

    يوم عاشوراء يوم عظيم على آل محمّد (صلوات الله عليهم) وعلى شيعتهم، إذ أصيبوا فيه بفادح قتل سيّد الشهداء(صلوات الله وسلامه عليه)، ونقرأ في زيارة عاشوراء أنّ مصيبته (عليه السلام) جليلة وعظيمة على جميع أهل الإسلام: (يا أبا عَبدِ اللهِ لَقَد عَظُمَتِ الرَزِيَّةُ وَجَلّت وَعَظُمَتِ المُصِيبَةُ بِكَ عَلَينا وَعَلى جَمِيعِ أهلِ الإسلامِ، وَجَلَّت وَعَظُمَت مُصِيبَتُكَ في السَّماواتِ عَلى جَمِيعِ أهلِ السَّماواتِ)، ما يعني أنّ مصيبته من مصائب الإسلام بحيث لا يسلم لي إسلامي حيث لا يمثّل قتله عندي مصيبة وأجلّ وأعظم مصيبة، وقد جاء فيها التصريح بذلك، فنقرأ فيها: (مُصِيبَةً ما أعظَمَها وَأعظَمَ رَزِيَّتَها في الإسلامِ).

    ولأنّا- أهل الإيمان- في مصيبة قتله في يوم عاشوراءفمن سننه أن يعزّي بعضنا بعضاً، ففي الرواية- الّتي نقلت لنا زيارة عاشوراء، وهي عن الإمام أبي جعفر الباقر(عليه السلام)- قال [الراوي]: قلت: فكيف يعزي بعضهم بعضا، قال [عليه السلام]: يقولون: “عظم الله أجورنا بمصابنا بالحسين عليه السلام، وجعلنا وإياكم من الطالبين بثاره مع وليه الإمام المهدي من آل محمد (صلى الله عليه وآله)”.

    ومن سنن هذا اليوم الأكيدة التقرّب إلى الله سبحانه بالبراءة ممّن اتّخذ يوم عاشوراء يوم فرح بقتل الحسين (عليه السلام)، وكذا التقرب إليه سبحانه باللعنة عليهم- إلى جانب التقرّب إليه تعالى بالموالاة للنبيّ وآله (عليه وعليهم السلام)-، فنقرأ في زيارة عاشوراء- بعد فقرة: “وَهذا يَومٌ فَرِحَت بِهِ آلُ زيادٍ وَآلُ مَروانَ بِقَتلِهِمُ الحُسَينَ (صلوات الله عليه)”- “اللهُمَّ إنّي أتَقَرَّبُ إلَيكَ في هذا اليَومِ وَفي مَوقِفي هذا وَأيامِ حياتي بِالبَراءَةِ مِنهُم وَاللَّعنَةِ عَلَيهِم وَبِالمُوالاةِ لِنَبِيِّكَ وَآلِ نَبِيِّكَ (عَلَيهِ وَعليهم السلام)”. ومن سنن هذا اليوم المؤكّدة زيارته (صلوات الله عليه) من قريب أو بعيد سيما بزيارة عاشوراء.

    ومن سنن هذا اليوم ندبته والبكاء وإظهار الجزع عليه والاجتماع على ذلك: ففي الرواية- الّتي نقلت لنا زيارة عاشوراء، وبعد أن ساق فضل زيارته (صلوات الله عليه) في يوم عاشوراء من قريب وبعيد- قال الباقر (صلوات الله عليه): “ثم ليندب الحسين (عليه السلام) ويبكيه ويأمر من في داره بالبكاء عليه، ويقيم في داره مصيبته باظهار الجزع عليه، ويتلاقون بالبكاء بعضهم بعضا بمصاب الحسين (عليه السلام)”.

    ثم لنعمل جميعاً في هذا اليوم على ما أكّدنا وشدّدنا عليه في الجمعة الأخيرة من ذي الحجّة من ملأ المجالس وتضخيم المواكب، وأن يكون حضورنا حضوراً واعياً ومتفاعلاً في كل مساحة، وأن لانكتفي بملأ مساحة دون أخرى.

    اللهم صلّ على محمّد وآل محمّد، واغفر لنا ولآبائنا ولأمهاتنا ولمن له حقّ علينا ولجميع المؤمنين والمؤمنات، وتجاوز عنّا، وهب لنا رحمة واسعة جامعة نبلغ بها خير الدنيا والآخرة، إله الحقّ وخالق الخلق. 

    “إِنَّ ٱللَّهَ يَأۡمُرُ بِٱلۡعَدۡلِ وَٱلۡإِحۡسَٰنِ وَإِيتَآيِٕ ذِي ٱلۡقُرۡبَىٰوَيَنۡهَىٰ عَنِ ٱلۡفَحۡشَآءِ وَٱلۡمُنكَرِ وَٱلۡبَغۡيِۚ يَعِظُكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ”.

    شاركها. تويتر واتساب تيلقرام البريد الإلكتروني Copy Link
    السابقخطبة الجمعة للشيخ علي الصددي – 2 محرم 1445هـ / 21 يوليو 2023م
    التالي خطبة الجمعة للشيخ علي الصددي – 16 محرم 1445هـ / 4 اغسطس 2023م

    اقـرأ أيضـًا

    خطبة الجمعة للشيخ علي الصددي – 4 ربيع الثاني 1446هـ / 11 أكتوبر 2024م

    خطبة الجمعة للشيخ علي الصددي – 23 ربيع الاول 1446هـ / 27 سبتمبر 2024م

    خطبة الجمعة للشيخ علي الصددي – 16 ربيع الاول 1446هـ / 20 سبتمبر 2024م

    منوعات

    خطبة الجمعة للشيخ علي الصددي – 25 ذو الحجة 1444هـ / 14 يوليو  2023م

    بيان كبار علماء حول إحياء عاشوراء (1443 هـ – 2021 م)

    خطبة الجمعة للشيخ علي الصددي – 2 ربيع الاول 1446هـ / 6 سبتمبر 2024م

    كبار علماء البحرين: الأمة مسؤولة والمجتمع الدولي مساءل عن كسر الحصار وإغاثة غزة

    الشيخ علي الصددي
    X (Twitter) الانستغرام يوتيوب تيلقرام
    • الرئيسية
    • اتصل بنا
    جميع الحقوق محفوظة 2025 © - الشيخ علي الصددي

    اكتب كلمة البحث ثم اضغط على زر Enter