خطبة الجمعة للشيخ علي الصددي 02/03/ 1446هـ الموافق 06 سبتمبر 2024م جامع الإمام الصادق(ع) – الدراز
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الخطبة الأولى:
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الغوي الرجيم ..
بسم الله الرحمن الرحيم
اللَّهُمَّ “لَكَ الحَمدُ حَمداً خالِداً مَعَ خُلودِكَ، وَلَكَ الحَمدُ حَمداً لا مُنتَهى لَهُ دونَ عِلمِكَ، وَلَكَ الحَمدُ حَمداً لا أمَدَ لَهُ دونَ مَشيئَتِكَ، وَلَكَ الحَمدُ حَمداً لا أجرَ لِقائِلِهِ إلاّ رِضاكَ، وَلَكَ الحَمدُ عَلى حِلمِكَ بَعدَ عِلمِكَ، وَلَكَ الحَمدُ عَلى عَفوِكَ بَعدَ قُدرَتِكَ”
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ملك الملوك، وسيد السادات، وجبار الأرض والسماوات، القهّار الكبير المتعال، ذو الجلال والإكرام، ديّان يوم الدين، ربّ آبائنا الأولين.
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالحق داعيا إلى الحق، وشاهدا على الخلق، فبلّغ رسالات ربّه كما أمره، لا متعدّيّاً ولا مقصّرا، وجاهد في الله أعداءه، لا وانياً ولا ناكلا، ونصح له في عباده صابرا محتسبا، فقبضه الله إليه وقد رضي عمله وتقبّل سعيه، وغفر ذنوبه- صلّى الله عليه وآله-.
عباد الله وإماءه وأهل إجابته، أوصيكم ونفسي بتقوى الله، ووقاية أنفسنا وأهلينا نَارٗا وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلۡحِجَارَةُ عَلَيۡهَا مَلَٰٓئِكَةٌ غِلَاظٞ شِدَادٞ لَّا يَعۡصُونَ ٱللَّهَ مَآ أَمَرَهُمۡ وَيَفۡعَلُونَ مَا يُؤۡمَرُونَ، ووقايتنا إيّاهم أن نأْمُرَهُمْ بِمَا أَمَرَهُمُ اللَّـهُ بِهِ، وَننْهَاهُمْ عَمَّا نَهَاهُمُ اللَّـهُ عَنْهُ، فَإِنْ أَطَاعُونا کُنّا قد وَقَیْناهُمْ.
أمّا بعد أيها المؤمنون والمؤمنات فالحديث في هذا المقام ينصبّ على شخصّية رسول الله محمّد بن عبد الله (صلّى الله عليه وآله) وشؤونه في ضوء ثلاث آيات:
الآية الأولى: تصوّب البَوصَلَة على فريضة الصلاة، وتخاطب النبيّ المصطفى (صلّى الله عليه وآله)، وتوجّهه ليأمر أهله وخاصّته بها، ثمّ تأمره الآية بأن يوفّر المزيد من الصبر عليها ولأجلها، قال الله سبحانه: “وَأۡمُرۡ أَهۡلَكَ بِٱلصَّلَاةِ وَٱصۡطَبِرۡ عَلَيۡهَا..”- طه: ١٣٢-، فهنا خطابان وتوجيهان من الله سبحانه لرسوله (صلّى الله عليه وآله)، الخطاب والتوجيه الأوّل: خطاب وتوجيه بأن يأمر أهله بالصلاة- الّتي هي مفروضة عليهم وعلى غيرهم-، وهو ما يكشف لنا عن مدى أهمّيّة الصلاة ومبلغ خطورتها- سيما ونحن نعلم بأنّ أهل النبيّ الّذين خوطب النبيّ (صلّى الله عليه وآله) بأن ينادي فيهم بالصلاة ما كانوا متاركين للصلاة ولا متهاونين بها- فقد روى رئيس المحدّثين الشيخ الصدوق (رضي الله عنه) في كتابه (عيون أخبار الرضا- عليه السلام-) بسند معتبر عن الريّان بن الصلت عن الإمام أبي الحسن الرضا (عليه السلام)- في حديث طويل- أنّه قال: “فكان رسول اللّه(صلّى اللَّه عليه و آله) يجيء إلى باب عليّ وفاطمة (عليهما السلام) بعد نزول هذه الآية تسعة أشهر في كلّ يوم عند حضور كلّ صلاة- خمس مرّات- فيقول: “الصلاةَ، رحمكم اللّه”.
وهذا الخطاب يذكّرنا بصنيع إسماعيل صادق الوعد- على ما حكاه عنه الكتاب العزيز فقال: “وَٱذۡكُرۡ فِي ٱلۡكِتَابِ إِسۡمَاعِيلَۚ إِنَّهُۥ كَانَ صَادِقَ ٱلۡوَعۡدِ وَكَانَ رَسُولٗا نَّبِيّٗا :: وَكَانَ يَأۡمُرُ أَهۡلَهُۥ بِٱلصَّلَاةِ وَٱلزَّكَاةِوَكَانَ عِندَ رَبِّهِۦ مَرۡضِيّٗا”- مريم: ٥٤، ٥٥-.
وكلّ هذا يستحثّنا- ولو بعد توسيط آية وقاية الأهل من النار- على توجيه أولادنا وبناتنا إلى الصلاة، وهو ما يعذّرنا لديهم إذا ما أمرناهم بها، وكان منّا لهم تعاهد ومتابعة بشأنها وحرص على أدائهم لها.
والتوجيه والخطاب الثاني في الآية هو أن يصبّر نفسه مرّة بعد أخرى على أداء الصلاة، ولمّا كانت الصلاة واجبة في اليوم والليلة خمس مرّات وما دام الأجل، فأداء كلّ واحدة واحدة من الصلوات الخمس اليومية يحتاج صبراً، فالمطلوب لكلّ هذا العدد من الصلوات هو مضاعفة الصبر، وقد عبّر عنه بالاصطبار، فلا يسعنا مع الأمر به التقاعس والتقاعد عنها بشيء كائناً ما كان، أو إيثار ما سواها عليها والتشاغل به عن أدائها. ثمّ إن الأمر بالصبر على شيء يرشدنا إلى أهمّيّته، وأنّه مما تستسهل من أجله مشاقّه وصعابه.
الآية الثانية: وقد كشفت عن صفتين مهمّتين في شخصيّة الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله)، فقال الله سبحانه: “لَقَدۡ جَآءَكُمۡ رَسُولٞ مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ عَزِيزٌ عَلَيۡهِ مَا عَنِتُّمۡ حَرِيصٌ عَلَيۡكُم بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ رَءُوفٞ رَّحِيمٞ”-التوبة: ١٢٨-، فالصفة الأولى هي المفادة بقوله: (عَزِيزٌ عَلَيۡهِ مَا عَنِتُّمۡ)،
فهو يتألّم لألمكم ويشقّ عليه ما يقع عليكم من ضرّ وشدّة، فلا يقرّ له قرار ولا يهدأ له بال إلا إذا عالج الألم ورفع الشدّة وأزاح الضرّ، كما قال الله سبحانه عنه في آية أخرى: “..وَيَضَعُ عَنۡهُمۡ إِصۡرَهُمۡ وَٱلۡأَغۡلَالَٱلَّتِي كَانَتۡ عَلَيۡهِمۡۚ..” الأعراف: ١٥٧-.
والصفة الثانية هي المفادة بقوله: (حَرِيصٌ عَلَيۡكُم)، فهو يسعى دائباً في هدايتكم وخيركم ونفعكم وصلاحكم، ويجتهد في سعيه، ويبالغ بكلّ جهد في ذلك، ويتحرّق ويتحسّر إذا لم يصل إلى ما يحرص عليه لأجلهم، وتبلغ حسرته وتحرّقه إلى حدٍّ يدعو إلى تدخّل العناية الإلهيّة فيخاطبه الله متلطّفاً به فيقول: “.. فَلَا تَذۡهَبۡ نَفۡسُكَ عَلَيۡهِمۡ حَسَرَاتٍۚ..”- فاطر: ٨-، وهو المعنى الّذي تجمله لنا العبارة الواردة في زياراتنا له (صلّى الله عليه وآله): (وَأشهَدُ أنَّكَ قَد نَصَحتَ لاُمَّتِكَ)، ونصحه لها هو إخلاصه ومبالغته واجتهاده في سعيه فيما فيه صلاحهم.
ثمّ إنّ هاتين الصفتين في الآباء طبعيّة اتّجاه أبنائهم، ورئيس القوم حيث لا يتوفّر عليهما فاقد لمقوّم قيادته وغير متوفّر على ركن رئاسته؛ إذ هو بدون هذه الأبوّة لا يعود- اعتباراً- الرئيس رئيساً.
الآية الثالثة: تعرض إلى قيام رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بوظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال الله سبحانه:”ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلرَّسُولَ ٱلنَّبِيَّ ٱلۡأُمِّيَّ ٱلَّذِي يَجِدُونَهُۥ مَكۡتُوبًا عِندَهُمۡ فِي ٱلتَّوۡرَاةِوَٱلۡإِنجِيلِ يَأۡمُرُهُم بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَاهُمۡ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ..”- الأعراف: ١٥٧-، فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبيل رسول الله (صلّى الله عليه وآله) كما هو سبيل الرسل والأنبياء طرّا، لا يتنكّبون هذا الطريق، ولا يتخلّون عن هذه الوظيفة الإلهيّة؛ ففي كتابي (الكافي) و(التهذيب) عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) أنّه قال: “..إنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبيل الأنبياء، ومنهاج الصلحاء، فريضة عظيمة بها تقام الفرائض، وتأمن المذاهب، وتحلّ المكاسب، وتردّ المظالم، وتعمر الأرض وينتصف من الأعداء، ويستقيم الأمر..”.
فلا يسوغ التواني وعدم المعاجلة والمبادرة إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ولا يسعنا في دين الله تواكل هذه الوظيفة، وقد ورد: “إذا أمّتي تواكلت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فليأذنوا بوقاع من الله”.
ولا يجوز متاركة هذه الوظيفة وكأنّها ليست من دين الله في شيء، وقد ورد الوعيد بالويل لقوم لا يدينون الله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هذا.
وقد بلغ الأمر ببعضنا أن يعيب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويجعل من تجاوز الآخر أمراً شخصيّاً يخصّه، وأنّ المنكِر عليه لن يدخل معه قبره، وهل غاب عنه أنّ إنكاره مسؤوليّة شرعيّة لا عذر له إلى ربّه إذا ما تخلّى عنها؟!
ويتجاوز البعض قضيّة إعابة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيأمر بالمنكر وينهى عن المعروف، فيهوّن عليه المنكر بتسويلات شيطانيّة من قبيل أنّ لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب، وأنّ الجميع يسرق ويكذب مثلا، وأنّ الحياة لا تسير إلا بهذه الطريقة.
ويصل الحال ببعض ما هو أسوأ ممّا تقدّم فيرى المنكر معروفاً والمعروف منكرا، فله قناعات ومقاييس على خلاف الفطرة فضلاً عن الدين بحيث يحدس معها أنّ القلب قد نكس، وجعل أعلاه أسفله، وقد تنبّأ بكلّ ذلك رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فقد روى ثقة الإسلام الشيخ الكلينيّ (رضي الله عنه) في (الكافي) بسند صحيح عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال النبيّ (صلّى الله عليه وآله):” كيف بكم إذا فسدت نساؤكم وفسق شبابكم ولم تأمروا بالمعروف ولم تنهوا عن المنكر، فقيل له: ويكون ذلك يا رسول الله؟ فقال: نعم وشرٌّ من ذلك، كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف، فقيل له: يا رسول الله ويكون ذلك؟ قال: نعم، وشرٌّ من ذلك، كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكرا والمنكر معروفا”.
ويكفي أهلَ الإيمان والدين أثراً وتبعةً لعدم إنكار المنكر، ويدفع بهم باتّجاه إنكار المنكر وتغييره، ما رواه رئيس المحدّثين الشيخ الصدوق (رضي الله عنه) في كتاب (عقاب الأعمال) بسند صحيح عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): “إنّ المعصية إذا عمل بها العبد سرّاً لم يضرّ إلا عاملها، فإذا عمل بها علانية ولم يغيّر عليه أضرّت بالعامّة، قال جعفر بن محمد (عليه السلام): “وذلك أنّه يُذلّ بعمله دين الله، ويقتدي به أهل عداوة الله”.
اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد، وانصر من نصر الدين، واخذل من خذل الدين، واغفر لنا ولجميع المؤمنين والمؤمنات، وتب علينا إنّك أنت التوّاب الرحيم، اللهم إنّا نحبّ محمّداً وآل محمّد فاحشرنا معهم، اللهم إنّا نحبّ عمل محمّد وآل محمّد فأشركنا في عملهم، وأحينا محياهم، وأمتنا مماتهم، وتوفّنا على ملّتهم ودينهم، اللهم أرنا في آل محمّد (عليهم السلام) ما يأمَلون، وفي عدوّهم ما يحذرون.
ثم إن أحسن القصص وأبلغ الموعظة وأنفع التذكّر كتاب الله (عزّ وجلّ). أعوذ بالله من الشيطان الرجيم “بسم الله الرحمن الرحيم وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ* إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ*”
……………………………………………………………………
الخطبة الثانية
اللهم “لَكَ الحَمدُ باعِثَ الحَمدِ، وَلَكَ الحَمدُ وَارِثَ الحَمدِ، وَلَكَ الحَمدُ بَديعَ الحَمدِ، وَلَكَ الحَمدُ مُنتَهى الحَمدِ، وَلَكَ الحَمدُ مُبتَدِعَ الحَمدِ، وَلَكَ الحَمدُ مُشتَريَ الحَمدِ، وَلَكَ الحَمدُ وَليَّ الحَمدِ، وَلَكَ الحَمدُ قِديمَ الحَمدِ، وَلَكَ الحَمدُ صادِقَ الوَعدِ، وَفيَّ العَهدِ، عَزيزَ الجُندِ، قائِمَ المَجدِ”
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله، أرسله رأفة ورحمة، وأتمّ علينا به النعمة، وكشف عنّا به كلّ غمّة، وأكمل له الدين، وأيّده على المعاندين، صلّى الله عليه وآله الهادين المهتدين، صلاةً دائمة إلى يوم الدين.
عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله؛ فإنّه ما من عاقبة حسنة إلا التقوى، قال الله سبحانه: “.. وَٱلۡعَٰقِبَةُ لِلتَّقۡوَىٰ”- طه: ١٣٢-، والعاقبة الحسنة ليست إلا لهم، قال سبحانه: “..وَٱلۡعَٰقِبَةُ لِلۡمُتَّقِينَ”- الأعراف: ١٢٨، القصص: ٨٣-.
اللهم صلّ على محمد خاتم النبيّين والمرسلين الصادق الأمين، وعلى عَليٍّ أميرِ المُؤمِنينَ وَوَصيِّ رَسولِ رَبِّ العالَمينَ وعَلى الصِّدّيقَةِ الطَّاهِرَةِ فِاطِمَةَ سَيِّدَةِ نِساءِ العالَمينَ، وَصَلِّ عَلى سِبطَي الرَّحمَةِ وَإمامَي الهُدى الحَسَنِ وَالحُسَينِ، وَصَلِّ عَلى أئِمَّةِ المُسلِمينَ عَليِّ بنِ الحُسَينِ وَمُحَمَّدِ بنِ عَليٍّ وَجَعفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ وَموسى بنِ جَعفَرٍ وَعَليِّ بنِ موسى وَمُحَمَّدِ بنِ عَليٍّ وَعَليِّ بنِ مُحَمَّدٍ وَالحَسَنِ بنِ عَليٍّ وَالخَلَفِ الهادي المَهدي، حُجَجِكَ عَلى عِبادِكَ وَاُمَنائِكَ في بِلادِكِ صَلاةً كَثيرَةً دائِمَةً.
اللهُمَّ وَصَلِّ عَلى وَليِّ أمرِكِ القائِمِ المُؤَمَّلِ وَالعَدلِ المُنتَظَرِ وَحُفَّهُ بِمَلائِكَتِكَ المُقَرَّبينَ وَأيِّدهُ بِروحِ القُدُسِ يا رَبَّ العالَمينَ.
اللهم واحفظ وسدّد وأيّد نوّابه بالحقّ، والفقهاء العدول، والعلماء العاملين.
أمّا بعد أيّها الملأ الكريم من المؤمنين والمؤمنات فالحديث في هذا المقام في عنوانين:
العنوان الأوّل: خطوة الإفراجات الثانية:
في البداية نبارك لإخواننا وأبنائنا معتقلَي الرأي تحرّرهم، ونسأل الله سبحانه أن يشكر لهم مصابرتهم واصطبارهم، كما نبارك لعوائلهم عودتهم إليهم ولمّ شملهم بهم.
ثمّ نثمن ونقدّر عالياً هذه الخطوة- الّتي لطالما تطلّع لها وللأكبر منها هذا الوطن، وتطلّبتها رفعته واقتضاها استقراره-، وهي خطوة مستحقَّة لهذا الوطن، ويستحقّ المزيد من الخطوات التصحيحية المخلصة والمتسارعة من الإفراج عن كافّة المعتقَلين، وتأمين عودة المغتربين، والحلحلة الجادّة لكلّ ما يؤذن باستمرار الأزمات واستفحالها.
العنوان الثاني: الحرب على غزّة أمريكيّة بامتياز:
قال المدّعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم أحمد خان، لقناة “بي بي سي” الإخبارية البريطانية، إنّه “يجب تحقيق العدالة بعد طلب إصدار مذكّرة اعتقال بحقّ رئيس الوزراء ووزير الأمن الإسرائيليين”.
وأضاف خان أنه “من المهم أن نظهر أن المحكمة ستحاسب جميع الدول على المعايير نفسها فيما يتعلّق بجرائم الحرب المزعومة، كما أكّد خان تعرّضه لضغوط من بعض زعماء العالم لمنعه من إصدار أوامر اعتقال، قائلاً إنّ العديد من الرؤساء “نصحوه وحذّروه من السير في مقاضاة الضالعين بجرم الإبادة في قطاع غزة”.
وفي مايو الماضي، أرسلت مجموعة من الأعضاء الجمهوريين المؤثّرين في مجلس الشيوخ الأميركي رسالةً إلى خان، تحذره فيها من إصدار مذكرات اعتقال دولية ضد رئيس حكومة الاحتلال، ومسؤولين إسرائيليين آخرين، وتهدده بـ”عقوباتٍ صارمة” إذا فعل ذلك، هذا واعترفت الأمم المتحدة ضمنيّاً بارتكاب العدو الصهيونيّ إبادة جماعيّة في غزّة- الصمود والعزّة-؛ فقد حذّرت المقرّرة الأمميّة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة من امتداد عنف الإبادة الجماعية الّذي ترتكبه إسرائيل في غزة إلى الضفة الغربية، هذاواستعرضت صحيفة (واشنطن بوست) الدول الّتي استمرت في تزويد “إسرائيل” بالأسلحة، مشيرةً إلى أن الولايات المتحدة قدمت لـ”إسرائيل” مساعدات أمنية بقيمة ستّة مليارات وخمسمائة مليون دولار منذ السابع من أكتوبر الماضي، وهي المورِّد الأكبر للجيش الإسرائيلي.
من جهة أخرى قالت نائبة الرئيس الأمريكي ومرشّحة الحزب الديموقراطيّ لانتخابات الرئاسة (هاريس): “سأدافع دائما عن حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وسأحرص دائما على أن يكون لدى إسرائيل القدرة على الدفاع عن نفسها”، وقالت في تناقض مشهود: “الرئيس بايدن وأنا نعمل على إنهاء هذه الحرب حتى تكون إسرائيل آمنة، ويتم إطلاق سراح الرهائن، وتنتهي المعاناة في غزة، ويتمكن الشعب الفلسطينيّ من الحصول على حقّه في الكرامة والأمن والحريّة وتقرير المصير”.
هذه أمريكا الّتي ما برحت راعية لحقوق الإنسان، ولكنّها مضطرة للدوس على هذه الحقوق لحساب مبدأ أعلى لها وهو حماية الكيان الصهيوني- المحتلّ والموقًت-
اللهم صلّ على محمّد وآل محمّد، واغفر لنا ولآبائنا ولأمهاتنا ولمن له حقّ علينا ولجميع المؤمنين والمؤمنات، وتجاوز عنّا، وهب لنا رحمة واسعة جامعة نبلغ بها خير الدنيا والآخرة، واشفِ مرضانا، وردّ غرباءنا، وفكّ أسرانا، إله الحقّ وخالق الخلق.
“إِنَّ ٱللَّهَ يَأۡمُرُ بِٱلۡعَدۡلِ وَٱلۡإِحۡسَٰنِ وَإِيتَآيِٕ ذِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَيَنۡهَىٰ عَنِ ٱلۡفَحۡشَآءِ وَٱلۡمُنكَرِ وَٱلۡبَغۡيِۚ يَعِظُكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ”.

